(اعلَمْ: أنَّ محبَّةَ العبدِ لربِّهِ على درجتَيْن:
إحداهما: المحبَّةُ العامَّةُ التي لا يخلو عنها كلُّ مؤمِن؛ وهي واجبة.
والأخرى: المحبَّةُ الخاصَّةُ التي يَنفرِدُ بها العلماءُ الربانيُّون، والأولياء والأصفياء.
وهي أعلى المَقامَات، وغايةُ المطلوبات؛ فإنَّ سائر مقامات الصالحين - كالخوفِ، والرجاءِ، والتوكُّل، وغيرِ ذلك - هي مبنيَّةٌ على حظوظِ النَّفْس؛ أَلَا ترى أنَّ الخائِفَ إنما يخاف على نَفْسِه، وأنَّ الراجي إنما يرجو منفعةَ نَفْسِه؟! بخلافِ المحبَّةِ؛ فإنها مِنْ أجلِ المحبوب؛ فليست مِنْ المعاوَضات) (١).
قولُه:(اعلَمْ: أنَّ محبَّةَ العبدِ لربِّهِ على درجتَيْن … )، إلخ:
تضمَّن كلامُهُ تعظيمَ مقامِ المحبَّة، وأنَّ العبادَ فيها متفاضِلون، وهذا صحيح (٢)، ولكنه - عفا الله عنه - هوَّن مِنْ مقاماتِ الخوفِ والرجاءِ والتوكُّل، وقال: إنَّ غايتَها حظُّ النفس، بينما غايةُ المحبَّةِ المحبوبُ.