وقد جعَلَ المؤلِّف هذه الدرجةَ بهذا التفسير أعلى درجاتِ التوحيد، وهي الفناءُ عن شهودِ ما سوى الله؛ أي: عدَمِ الشعورِ بما سوى الله مِنْ المخلوقات، وقد غَلِطَ في هذا - عفا الله عنه - فإنَّ الفناءَ والغَيْبةَ نقصٌ، ليس بكمالٍ، فضلًا عن أن يكونَ مِنْ الدِّين، فضلًا عن أن يكونَ أعلى مقاماتِ الدِّين.
قال شيخُ الإسلام في «العقيدة التدمريَّة»(١): «الفناءُ الثاني: وهو الذي يذكُرُهُ بعضُ الصوفيَّة، وهو أنْ يَفنَى عن شهودِ ما سوى اللهِ تعالى … بحيثُ قد يَغِيبُ عن شعوره بنَفْسِهِ وبما سِوَى اللهِ تعالى؛ فهذا حالٌ ناقصٌ … ومَن جعَلَ هذا نهايةَ السالِكِين، فهو ضالٌّ ضلالًا مُبِينًا، وكذلك مَنْ جعَلَهُ مِنْ لوازمِ طريقِ الله، فهو مُخطِئ، بل هو مِنْ عوارضِ طريقِ اللهِ التي تَعرِضُ لبعضِ الناسِ دون بعض»(٢).
* * * *
(١) «العقيدة التدمرية» (ص ٢٢١)، وينظر شرح شيخنا على هذا الموضع في «شرح التدمرية» (ص ٥٩٠). (٢) وينظر: «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٢١٨ - ٢٢٤، و ٣٣٧ - ٣٤٣).