قال ابنُ جُزَيٍّ ﵀ في تفسيرِ قولِهِ تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا﴾ [الحديد: ٢٧]:
(وإعرابُ «رَهْبَانِيَّةً»: معطوفٌ على «رَأْفَةً وَرَحْمَةً»؛ أي: جعَلَ اللهُ في قلوبِهم الرأفةَ والرحمةَ والرهبانيَّةَ، و «ابْتَدَعُوهَا»: صفةٌ للرهبانيَّة، والجَعْلُ هنا بمعنى الخَلْقِ.
والمعتزِلةُ يُعرِبونَ:«رَهْبَانِيَّةً» مفعولًا بفعلٍ مضمَرٍ يفسِّرُه: «ابْتَدَعُوهَا» (١)؛ لأنَّ مذهبَهَم: أنَّ الإنسانَ يخلُقُ أفعالَهُ؛ فأعرَبُوها على مذهَبِهم، وكذلك أعرَبَها أبو عليٍّ الفارسيُّ (٢)، وذكَرَ الزمخشريُّ الوجهَيْن (٣)(٤).
قولُ المؤلِّفِ:(وإعرابُ «رَهْبَانِيَّةً»: معطوفٌ على «رَأْفَةً وَرَحْمَةً» … )، إلخ:
(١) والتقديرُ: وابتدَعُوا رهبانيَّةً ابتدَعُوها؛ يعني: وأحدَثُوها مِنْ عندِ أنفُسِهم ونَذَرُوها؛ كما في «الكشاف» للزمخشري (٤/ ٤٨٢). ونحوه في «مدارج السالكين» (٢/ ٦٠). (٢) نقله عنه أبو حيَّان في «البحر المحيط» (١٠/ ١١٥)، والسمين الحلبي في «الدر المصون» (١٠/ ٢٥٥). (٣) في «الكشَّاف» (٤/ ٤٨٢). وانظر تعليقَ ابنِ المنيِّرِ عليه. (٤) «التسهيل» (٤/ ٣٢٥ - ٣٢٦).