فأمر الله عبده ورسوله محمداً أصلاً وغيره تبعاً له، بذكر ربه في نفسه، أي: مخلصاً خالياً (٢)، لأن خفض الصوت بالدعاء أبعد عن الرياء، وأيضا قد جاء النهي عنه، ففي حديث أبي موسى الأشعري ﵁ الله عنه قال لهم رسول الله لما ارتفعت أصواتهم:«يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ»(٣).
يقول الحسن البصري ﵀:"ولقد أدركنا أقواماُ ما كان على الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في السر فيكون علانية أبداً، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله يقول: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ "(٤).
قال ابن جريج ﵀:« .. يكره رفع الصوت والنداء والصياح بالدعاء، ويؤمر بالتضرع والاستكانة»(٥).
(١) ينظر: تفسير السعدي (١٩٢). (٢) ينظر: تفسير السعدي (ص ٣١٤). (٣) أخرجه البخاري (٤/ ٥٧ ط السلطانية) ح (٢٩٩٢). (٤) تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر (١٠/ ٢٤٨). (٥) تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر (١٠/ ٢٤٩).