والتقية في دين الإسلام دين الجهاد والدعوة، لا تمثل نهجًا عامًا في سلوك المسلم، ولا سمة من سمات المجتمع الإسلامي، بل هي - غالبًا - حالة فردية مؤقتة، مقرونة بالاضطرار، مرتبطة بالعجز عن الهجرة، وتزول بزوال حالة الإكراه.
ولكنها في المذهب الشيعي تعد طبيعة ذاتية في بنية المذهب، يقول أبو عبد الله: "إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله" (٢) ، وقال: ".. أبى الله - عز وجل - لنا ولكم في دينه إلا التقية" (٣) .
والتقية عندهم حالة مستمرة، وسلوك جماعي دائم، قال ابن بابويه في كتابه "الاعتقادات" المسمى دين الإمامية: "والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله - تعالى - وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة" (٤) .
وروت كتب الشيعة عن علي بن موسى الرضا - عليه السلام - قال: "لا إيمان لمن لا تقية له، وإن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية" (٥) . فقيل له: يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال: "إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم خروج قائمنا، فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا" (٦) .
والتقية ملازمة للشيعي في كل ديار المسلمين حتى إنهم يسمون دار الإسلام
(١) تفسير الحسن العسكري: ص١٣٠، وسائل الشيعة: ١١/٤٧٤، بحار الأنوار: ٧٥/٤١٥ (٢) أصول الكافي: ١/٢٢٢ (٣) أصول الكافي: ٢/٢١٨ (٤) الاعتقادات: ص١١٤-١١٥ (٥) وكأنهم يفسرون قوله - سبحانه -: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} الحجرات: ١٣. (٦) ابن بابويه/ إكمال الدين: ص٣٥٥، الطبرسي/ أعلام الورى: ص٤٠٨، أبو القاسم الرازي/ كفاية الأثر: ص٣٢٣، وسائل الشيعة: ١١/٤٦٥، ٤٦٦، وانظر في هذا المعنى: جامع الأخبار: ص١١٠، وبحار الأنوار: ٧٥/٤١٢