المؤمنون الاستقسام بالأزلام، والاستقسام مأخوذ من طلب القسم من هذه الأزلام (١) . قال ابن عباس:"هي قداح كانوا يستقسمون بها في الأمور"(٢) . أي يطلبون بها علم ما قسم لهم (٣) . وقوله سبحانه:{ذَلِكُمْ فِسْقٌ} أي تعاطيه فسق وغيٌّ وضلالة وجهالة وشرك" (٤) .
وهؤلاء الروافض في استخارتهم تلك ساروا في خطا المشركين، ورجحوا العمل بهذه "الأزلام" (٥) . على الاستخارة الشرعية، لأن انفرادهم بها عن المسلمين دليل الصحة عندهم، كما هي قاعدتهم، كما ألزموا أتباعهم العمل بنتيجتها، وتوعدوا على مخالفتها (٦) . فكأنهم اعتقدوا أنها تأتيهم بالخبر عن الله، وهذا كالاستقسام بالأزلام عند المشركين. قال ابن القيم: "الاستقسام هو إلزام أنفسهم بما تأمر به القداح كقسم اليمين.." (٧) .
فكيف يزعم الرافضي أن ما خرج من هذه الرقاع التي يستقسم بها هي عين ما أراد الله فيلزم نفسها بها.. أطّلع الغيب أم اتّخذ عند الرحمن عهدًا؟ ! فهذه الرقاع تدفعه للمضي في أمره أو تمنعه بلا بينة ولا برهان كحال أهل الشرك، ولعله "لا فرق بين ذلك وبين قول المنجم: لا تخرج من أجل نجم كذا". والله سبحانه يقول:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا}(٨) . (٩) . فهؤلاء يقولون: اعمل أو لا تعمل، بأمر الحصى والجمادات.
(١) تفسير ابن كثير: ٢/١٢ (٢) تفسير الطبري: ٦/٧٨ (٣) ابن القيم/ إغاثة اللهفان: ١/٢٢٧ (٤) تفسير ابن كثير: ٢/١٣ (٥) انظر: الحر العاملي/ الإيقاظ من الهجعة: ص٣، ٧٠-٧١ (٦) قالوا - مثلاً -: "وإن وجد في كلها (أي الرقاع) لا تفعل فليحذر عن الإقدام على ذلك الأمر". (بحار الأنوار: ٩١/٢٢٨) (٧) إغاثة اللهفان: ١/٢٢٧ (٨) لقمان، آية:٣٤ (٩) إغاثة اللهفان: ١/٢٢٧