أحد ويغشاه، فلا يطرده ولا يقول له شيئًا، وإن مرض عاده، فكانوا يتهمونه بالقدر لهذا وشبهه» (١).
قال الذهبي معلقًا:«قلت: كان حقه أن يكفهِرَّ في وجوههم، ولعله كان حسن الظن بالناس»(٢).
وعن أحمد بن علي الأبار قال:«سألت مصعب الزبيري عن ابن أبي ذئب، وقلت له: حدثونا عن أبي عاصم أنه قال: كان ابن أبي ذئب قدريا؟ قال: معاذ الله إنما كان زمن المهدي أخذوا القدرية وضربوهم ونفوهم، فجاء قوم من أهل القدر فجلسوا إليه واعتصموا به من الضرب، فقال قوم: إنما جلسوا إليه؛ لأنه كان يرى القدر، فقد حدثني من أثق به أنه ما تكلم فيه قط»(٣).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:«ولهذا اتهم بمذهب القدر غير واحد ولم يكونوا قدرية، بل كانوا لا يقبلون الاحتجاج على المعاصي بالقدر، كما قيل للإمام أحمد: كان ابن أبي ذئب قدريًّا، فقال: الناس كل من شدد عليهم المعاصي، قالوا هذا قدري»(٤).
وبهذا يتبين براءة ابن أبي ذئب من القول ببدعة القدر وإنما نُسب للقدر لسببين ذكرهما العلماء وهما:
الأول: أنه كان رجلا كريمًا، يجلس إليه كل أحد ويغشاه، فلا يطرده، ولا
(١) سير أعلام النبلاء (٧/ ١٤١ - ١٤٠) وانظر تاريخ الإسلام (٤/ ٢٠٣). (٢) سير أعلام النبلاء (٧/ ١٤١). (٣) أورده اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٤/ ٨٠١)، وانظر: سير أعلام النبلاء (٧/ ١٤٥)، وتاريخ الإسلام (٤/ ٢٠٦). (٤) منهاج السنة (٣/ ٢٤).