وكذلك في مقابل هذا؛ فإن الإنسان متسبِّبٌ فيما يقدِّر الله له من الخير مع رحمة الله به، كما قال تعالى مُخبِرًا عن نوحٍ في دعوته قومه: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح: ١٠ - ١٢].
قال ابن الجوزيِّ في معنى ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾: أي: «استدعوا مغفرته بالتوحيد»(١).
وقال:«ومعنَى الكلام: أنه أخبرهم أن الإيمان يجمع لهم خير الدنيا والآخرة»(٢).
قال القرطبِيُّ ﵀: «في هذه الآية والتي في هودٍ (٣) دليلٌ على أن الاستغفار يُستَنْزل به الرزق والأمطار. قال الشعبيُّ: خرج عمر يستسقي، فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فأمطروا، فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟ فقال:(لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يُستَنْزل بها المطر)» (٤).
ومن السنَّة قول النبيِّ ﷺ في وصيَّته لابن عبَّاسٍ:«احفظ الله يحفظك»(٥).
(١) زاد المسير (٨/ ٣٧٠). (٢) المصدر نفسه. (٣) يعني قوله تعالى: ﴿وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا﴾ [هود: ٥٢]. (٤) تفسير القرطبِي (١٨/ ٢٩). (٥) أخرجه أحمد (٤/ ٤٠٩)، ح: (٢٦٦٩)، والتّرمذيّ (٢٥١٦). وقال الألبانِي في تعليقه على مشكاة المصابيح (٣/ ١٤٥٩): «حديث صحيح».