الثاني: أن فعل المأمور به شرعًا يصير له حسنٌ آخر غير الحسن الأوَّل المعروف بالعقل.
قال شيخ الإسلام -في سياق ردِّه على المعتزلة وبيان خطئهم في ذلك-: «إن الأمر وإن كان كاشفًا عن حسن الفعل؛ فالفعل بالأمر يصير له حسنٌ آخر غير الحسن الأوَّل»(١).
٣ - زعمهم أن الأمر لا يكون إلا بحسنٍ، والنهي لا يكون إلا عن سيِّئٍ. وهذا غير صحيحٍ؛ فإن الشارع قد يأمر بما ليس بحسنٍ للامتحان.
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة ﵀:«وإذا كان مقصود الآمر الامتحان للطاعة؛ فقد يأمر بما ليس بحسنٍ في نفسه وينسخ»(٢). وقد تقدم تقرير هذه المسألة مع التمثيل والاستدلال عند ذكر معتقد أهل السنَّة.
٤ - زعمهم أن العقل يُدرِك الثواب والعقاب المترتِّب على الأفعال، وأن العباد يُعاقَبون على أفعالهم القبيحة من غير طريق الشرع. وهذا باطلٌ مردودٌ بالنصوص.
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة ﵀:«وهذا مما غلط فيه غلاة القائلين بالتحسين والتقبيح؛ فإنهم قالوا: إن العباد يُعاقَبون على أفعالهم القبيحة ولو لم يبعث إليهم رسولًا. وهذا خلاف النصِّ. قال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥]»(٣).
وقال ابن القيِّم: «فلا تلازم بين ثبوت الحسن والقبح العقليَّين وبين استحقاق
(١) مجموع الفتاوى (١٤/ ١٤٦). (٢) انظر: مجموع الفتاوى (١٤/ ١٤٦)، (٨/ ٤٣١). (٣) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٣٥).