٥ - وبعضهم كان يأذن لغيره في الكتابة عنه، كما صحَّ عن عائشة ﵂ مع ابن أختها عروة بن الزبير (١)، وعن أبي هريرة مع تلميذه بشير بن نَهيك (٢).
٦ - وبعضهم كان يملي الأحاديث بنفسه على غيره، كما روي عن البراء بن عازب ﵁، أنه كان يحدِّث ويكتب حديثه من حوله. فعن عبد الله بن حنش، قال:"رأيتهم عند البراء يكتبون على أيديهم بالقصب"(٣).
٧ - وكان بعض الصحابة يسأل غيره أن يكتب له بسُنَّة النبي ﷺ، كما صحَّ عن معاوية بن أبي سفيان، أنه كتب إلى المغيرة بن شعبة: أن اكْتُبْ إليّ بحديث سمعته من رسول الله ﷺ؟ قال: فكتب إليه المغيرة: إني سمعته يقول عند انصرافه من الصلاة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. وذكر بقيّة الحديث (٤).
٨ - وكان بعضهم يوصي بكتابة الحديث ويرغّب الناس فيه، كما جاء عن غير واحد من الصحابة ﵃، كعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأنس ابن مالك وابن عباس ﵃، أنهم قالوا:"قيّدوا العلم بالكتاب"(٥).
وكلّ هذه الآثار تدل على أن كراهةَ من كَرِهَ من الصحابة الكرام كتابةَ الأحاديثِ إنما كان خشية الاشتغال بكتب الحديث عن القرآن الكريم، أو
(١) "الكفاية" للخطيب ص ٢٥٠. (٢) "سنن الدارمي" (٥١١) بإسناد صحيح. (٣) "جامع بيان العلم وفضله" ١/ ٣١٦. (٤) "صحيح البخاري» (٦٤٧٣). (٥) "المحدث الفاصل" ص ٣٧٧، "تقييد العلم" ص ٨٨ - ٩٦، وقال الحاكم في "المستدرك" ١/ ١٠٦: "قد صحت الرواية عن عمر بن الخطاب، أنه قال: قيّدوا العلم بالكتابة"، وقد صحَّحه بمجموع طرقه مرفوعاً من قول النبي ﷺ: الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٢٠٢٦).