وهذه القصة تَرُدُّ على من زعم أن "السُّنَن الصغرى" ليست من تأليف النَّسائي، وإنما هي من اختصار تلميذه ابن السُّنّي (ت: ٣٦٤ هـ)، كما هو قول الذهبي وغيره (١). والصحيح: أن "السُّنَن الصغرى" من تأليف النَّسائي نفْسِه، اختصرها من سننه الكبرى، وهو قول الجمهور (٢).
٤ - وقد نبّه العلامة صديق حسن خان القنّوجي (ت: ١٣٠٧ هـ) إلى أن أهل الحديث إذا أطلقوا فقالوا: "رواه النَّسائي"، فإنما يريدون الصغرى وليس الكبرى (٣).
لكن ليس هذا على إطلاقه، فقد رأيتُ غير واحد، كالحافظَ العراقي في شرحه على الترمذي، وهو مخطوط، يطلق كثيراً: النَّسائي ويريد: الكبرى، وأحياناً يقيّد ذلك.
٥ - وقد رجَّح غير واحد من العلماء أن سنن النَّسائي تُعَدُّ في المرتبة الثالثة بعد الصحيحين، من حيث قلّة الأحاديث الضعيفة، والرواة المُتَكَلَّم فيهم، قال الحافظ ابن حجر:"كتاب النَّسائي أقلُّ الكتب بعد الصحيحين حديثاً ضعيفاً، ورجلاً مجروحاً"(٤).
بل إن بعض الحفاظ أطلق على:"سنن النَّسائي" اسم: الصحيح، وذلك لقوة شرطه وتحريه. لكن ردّه ابن كثير ﵀، فقال:"وقول الحافظ أبي علي بن السَّكَن، وكذا الخطيب البغدادي في كتاب "السُّنَن" للنَّسائي: إنه صحيح. فيه نظر، وإن له شرطاً في الرجال أشدّ من شرط مسلم، غير مسلَّم؛