أنشدنا أبو مسلم محمد بن علي بن الكاتب بمصر، أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي لنفسه:
إما ترى رأسي حاكى لونه … طرة صبح تحت أذيال الدجى
واشتعل المبيضّ في مسودة … مثل اشتعال النار في جزل الغضى (١)
إلى أن قال في مدحهم:
إن العراق لم أفارق أهله … عن شنإ أصدنى ولا قلى
ولا أطبى عينيّ مذ باينتهم (٢) … شيء يروق الطرف من هذا الورى
هم الشناخيب المنيفات الذرى … والناس أذحال سواهم وهوى (٣)
هم البحور زاخر آذيها … والناس ضحضاح ثغاب وأضى
إن كنت أبصرت لهم من بعدهم … مثلا فأغضيت على وخز السفا
حاشا الأميرين اللذين أوفدا … على ظلا من نعيم قد ضفا
هما اللذان أثبتا لي أملا … قد وقف اليأس به على شفا
تلافيا العيش الّذي رنقه … صرف الزمان فاستساغ وصفا
وأجريا ماء الحيالى رغدا … فاهتز غصني بعد ما كان ذوى
هما اللذان سموا بناظرى … من بعد إغضائي على لذع القذى
هما اللذان عمرا لي جانبا … من الرجاء كان قد ما عفا
(١) وكان في قصيدته هذه في الأصول أخطاء كثيرة، أقمناها من شرح المقصورة للخطيب التبريزي المطبوع. (٢) في شرح المقصورة ص ١٢٨ «فارقتهم». (٣) في الأصول «لقي».