وهو في اللغة: اللزوم مطلقاً، وفي الشرع: لزوم العبادات المختصة (١) بالإنسان في الأماكن المختصة بالعبادات. وهو ثابت في شرعنا بقوله تعالى:{وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}(٢). وقد كان في شرع من قبلنا، دليله قوله تعالى:{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}(٣). وقد وقع لمالك رحمه الله ما ظاهره الكراهة له، وعلل بأحد الوجهين: إما لأنه من الرهبانية التي نهت عنها الشريعة، والظاهر بطلان هذا التعليل لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه اعتكف واعتكف جماعة من السلف. وإما لأنه عبادة شاقة قد يعجز عنها الداخل فيها فيؤدي إلى قطعها وإبطالها بعد التزامها، فيلحقه الذم كما لحق مبتدع الرهبانية، لقوله تعالى:{فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}(٤).
فإذا تقررت هذه المقدمة قلنا بعدها: النظر في هذا الكتاب ينحصر في فصلين: أحدهما: أركان الاعتكاف وشروطه. والثاني: مفسداته.
...
(١) في (ر) العبادات المختص، وفي (ق) و (م) العبادة المختصة. (٢) البقرة: ١٨٧. (٣) الحج: ٢٦. (٤) الحديد: ٢٧.