الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} ١ وفي ظَاهِرِ التِّلاوَةِ هَاهُنَا عُسْرَانِ ويُسْرَانِ إلا أَنَّ المُرَاد بِهِ عُسْرٌ وَاحِد [٢٧] لأَنَّهُ مَذْكُورٌ بِلَفْظِ التَّعْرِيف / واليُسْرُ مَذْكُورٌ بِلَفْظِ التَّنْكِير مَرَّتَيْنِ فَكَان كُلُّ واحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ الآخَر.
قَالَ الفَرَّاءُ: العَرَبُ إذا ذَكَرَت نَكِرَةً ثُمَّ أَعَادَتْهَا بِنَكِرَةٍ مِثْلَهَا صَارَتَا اثْنَتَيْنِ كَقَوْلَكَ إذا كَسَبْتَ دِرْهَمًا فَأَنْفِق دِرْهَمًا فَالثَّانِي غَيْرُ الأَوَّل وإذا أَعَادَتْهَا بِمَعْرِفة فَهِي هِي كَقَوْلِكَ إذا كَسبْتَ دِرْهَمًا فَأَنْفِق الدِرْهَم فَالثَّاني هُوَ الأَوَّل قَال: ومِن هَذَا قَوْلُ بَعْض الصَّحَابةِ لَنْ يَغْلِب عُسْرٌ يُسْرَيْن.
ذَكَرَهُ لَنَا أَبُو عُمَر عن أبي العباس ثَعْلب عَنْ سَلَمَة عَنِ الفَرَّاء.
وقَالَ بَعْضُ المُتَأَخِّرِين: هُمَا سَوَاءٌ لا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. قال: والَّذي اسْتَشْهَدَ بِهِ الفَرَّاءُ غَيْرُ دَالٍّ عَلى ما زَعْمِهِ وذَلِك أَنَّ القَائِل إذا قَال: إنَّ في الدَّارِ زَيْدًا إنَّ في الدَّارِ زَيْدًا مَرَّتَيْن لَمْ يَدُلَّ بِهِ على أَكْثَرِ مِنْ زَيْدٍ وَاحِد كَمَا لَمْ يَدُلَّ عَلى أَكْثَرِ مِن دَارٍ وَاحِدَة قَالَ: وقَوْل عُمَر: لَنْ ٢ يَغْلُب عُسْرٌ يُسْرَيْنِ. مَعْنَاهُ أَنَّ العُسْرَ بَيْن يُسْرَيِن إما فرج عاجل فِي الدُّنْيَا وإما ثواب في الآخرة.
وأخبرني ابن الفارسي حَدَّثَني مُحَمَّدُ بن المُؤَمَّلُ العَدَوِيّ في قَوْلِهِ {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} قَال: هَذا مِن مَظَاهر القَوْل يُرَادُ بِهِ التَّوكِيد كَقوله: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ} ٣ وكقول الشاعر:
١ سورة الشرح: الآيتان "٥, ٦".٢ س: "أن يغلب".٣ سورة التكاثر:" ٣, ٤".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute