وأهل التفسير متفقون على أن المراد بقوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} ١ أنه معبود في السماء ومعبود في الأرض٢ لأنه الإله المعبود٣، كما في قوله تعالى:{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} ٤، قال تعالى:{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} ٥.
والحلولية من غلاة الجهمية، يرون أنه حال بذاته في كل مكان٦، لم ينزهوه عن شيء، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
وأما حديث:" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد "٧، فهو حديث صحيح جليل، مثل قوله تعالى:٨ {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} ٩ فالقرب في هذا ونحوه أضيف إلى العبد. والقلب إذا أناب
١ سورة الزخرف: الآية (٨٤) . ٢ انظر: جامع البيان، للطبري، ٢٥/١٠٤؛ والجامع لأحكام القرآن، للقرطبي، ١٦/٨١؛ وتفسير ابن كثير، ٤/١٤٧؛ وتفسير القاسمي؛ ١٤/٥٢٨٩. ٣ وأصل "الإله" من أله يأله إلهةً، أي عبد يعبد عبادة. تقول: أله الرجل: إذا تعبد؛ وتأله: إذا تنسك. انظر: الجامع لأحكام القرآن، ١/٧٣. ٤ سورة الأنعام: الآية (٣) . ٥ سورة مريم: الآية (٩٣) . ٦ الفرق بين الفرق، ص٢٢٦. ٧ صحيح مسلم، بشرح النووي، ٤/٤٤٦، الصلاة، باب (ما يقال في الركوع والسجود) ؛ سنن أبي داود، ١/٥٤٥، الصلاة، باب (في الدعاء في الركوع والسجود) . سنن النسائي، ٢/٢٢٦، الافتتاح، باب (أقرب ما يكون العبد من الله) ؛ مسند الإمام أحمد، ٢/٢٤١؛ شرح السنة للبغوي، ٣/١٥١-١٥٢. قال البغوي بعد ذكره للحديث: هذا حديث صحيح. وقال النووي في معنى الحديث: أقرب ما يكون من رحمة ربه وفضله. شرح صحيح مسلم، ٤/٤٤٥-٤٤٦. ٨ زيادة مني. ٩ سورة الإسراء: الآية (٥٧) .