أمِنْتُ أن توحِشُوا فؤادِي … فآنِسُوا مقلتي ولاتُ] (٢)
مَن عمِل طاعةً من الطاعات وفرغَ منها، فعلامةُ قَبولها أن يصلَها بطاعةٍ أخرى، وعلامةُ رَدِّها أن يعقِبَ تلك الطاعة بمعصيةٍ. ما أحسَنَ الحسَنَةَ بَعْدَ السيئة تمحوها (٣)! وأحسَنُ منها الحَسَنَةُ بَعْدَ الحسنة تتلوها. وما أقبَحَ السيئةَ بعدَ الحسنةِ تمحقُها وتعفُوها! ذنبٌ واحِدٌ بعدَ التوبة أقبَحُ مِن سبعين ذنبًا قبلَها. النكسة أصعب (٤) من المرض، وربما أهلَكَتْ. سلوا الله الثبات على الطَّاعاتِ إلى الممات، وتعوَّذُوا به من تقلُّب القلوب، ومِنَ الحَوْر بعد الكَوْرِ (٥). ما أوحشَ ذلّ المعصيةِ بَعْدَ عزِّ الطاعة، وأفحشَ (٦) فقر الطمع بعد غنى القناعة.
تَرَى الحيَّ الأولى بانُوا … على العَهْدِ كما كانُوا
أَمِ الدَّهْرُ بهم خانُوا … وَدَهْرُ المَرْءِ خَوَّانُ
إذا عَزَّ بغَيْرِ الله … يومًا مَعْشَرٌ هَانُوا
يا شُبَّانَ التوبةِ، لا تَرجِعُوا إلى ارتضاعِ ثَدْي الهَوَى من (٧) بعد الفطام، فالرَّضاع إنما يصلُح للأطفال لا للرجال. ولكن لا بُدّ مِن الصّبْرِ على مَرَارة الفِطام؛ فإنْ صَبَرْتُم
(١) في ط: "قلب بات"، وفي ب: "قلب فات". (٢) ما بين قوسين لم يرد في آ، ش، ع. (٣) في آ، ب: "تمحها"، بالجزم. (٤) في ط: "أصعب من الضعفة". (٥) وفي الحديث: "نعوذ بالله من الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْر"، أي من النقصان بعد الزيادة. وقيل: من فساد أمورنا بعد صلاحها. وقيل: من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنَّا منهم، وأصله: من نَقْض العِمامة بعد لفِّها. (النهاية ١/ ٤٥٨). (٦) في ط: "وأوحش منه". (٧) لفظ "من" لم يرد في آ، ش، ع.