الفَضْلِ يحزَنُ؛ ففي هذا الشَّهْر يدعو بالويل؛ لما يَرَى من تنزُّلِ الرَّحمة ومغفرةِ الأوزار. غلَبَ حزْبُ الرَّحمنِ، وهرب حِزْبُ الشَّيطان؛ فما بقي له سُلطان، إلَّا على الكفَّار. عُزلَ سلطانُ الهَوَى، وصارت الدولةُ لسلطان التَّقوَى؛ {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ}(١).
يا ندامايَ صَحَا القلبُ صَحَا … فاطرُدوا عنِّي الصِّبا والمَرَحا
هَزَمَ العَقْلُ جُنُودًا لِلْهَوَى … فاسِدِي (٢) لا تعجبُوا إن صَلُحا
هذا - عبادَ اللهِ - شهرُ رمضانَ قد انتصف، فمن منكم حاسب فيه نفسَه للهِ وانتصف (٤)؟ مَنْ منكم قام في هذا الشهر بحقِّه الذي عَرَفْ؟ من منكم عَزَمَ قبلَ غَلْقِ أبواب الجنَّة أن يبنِيَ له فيها غُرَفًا من فوقها غُرَف؟ ألا إنَّ شهركم قد أخذ في النَّقص، فزيدوا أنتم في العمَل، فكأنكم به وقد انصَرَفَ. فكُلُّ شهرٍ فعسى أن يكونَ منه خلفٌ. وأمَّا شهرُ رمضانَ فمِن أينَ لكم منه خلف؟!