أي: مَن أجاز قضاء القاضي بعلمه، فحجته حديث عائشة في قصة هند عندما جاءت إلى رسول الله وشكت إليه حال زوجها، وأنه لا يعطيها وولدها ما يكفيها من النفقة، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف"(١)، أي: دون مجاوزة.
هل حكم الرسول في ذلك؟ هل هو حكم أو إفتاء؟ الذين منعوا ذلك من أهل العلم - يعني منعوا حكم القاضي بعلمه - قالوا:"هذه فتوى من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وليست حكمًا؛ لأن القضاء لا يكون إلا بحضور الخصم ".
وسنرى أن بعض هؤلاء العلماء رجعوا بعد ذلك، وقالوا: يجوز القضاء على الغائب.
هذا حديث متفق عليه، وتكرر هذا الحديث معنا في كتاب النفقات، وكذلك في النكاح، وجاء هنا أيضًا.
ووجه الدلالة لمن قال:"يقضي بعلمه" أنه لا يوجد إقرار، والمدعى عليه غير موجود، ولا يوجد شهود. إذًا ما هي البينة؟ وما هو السبب الذي رتب عليه - صلى الله عليه وسلم -؟
هو أنه صدقها، ادعت دعوى فصدقها، فقضى بعلمه، يعني عد دعواها صدقًا، فلما صدقها حكم، فحكمه كان بعلمه.