الحديث الثالث: عن جابر ﵁ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ؟ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللهَ وَرَسُولَهُ» فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: ائْذَنْ لِي فَلْأَقُلْ (١). قَالَ: «قُلْ».
فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ وَذَكَرَ مَا بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ أَرَادَ صَدَقَةً، وَقَدْ عَنَّانَا. فَلَمَّا سَمِعَهُ قَالَ: وَأَيْضًا وَاللهِ، لَتَمَلُّنَّهُ. قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ الْآنَ، وَنَكْرَهُ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ يَصِيرُ أَمْرُهُ.
قَالَ: وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ تُسْلِفَنِي سَلَفًا. قَالَ: فَمَا تَرْهَنُنِي؟ قَالَ: مَا تُرِيدُ؟ قَالَ: تَرْهَنُنِي نِسَاءَكُمْ. قَالَ: أَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ، أَنَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا؟!
(١) فاء العطف عَطَفَتْ طلبًا أمريًّا على ما قبله، وهي أحسن من قولنا: (لام الأمر) لأن الطلب أعم، وهي جازمة داخلة على المضارع المبدوء بالهمزة، وهو جائز ولكنه قليل، ومنه قوله ﷺ: «قُومُوا فَلِأُصَلِّ لَكُمْ» أخرجه البخاري (٣٨٠) ومنه قوله تعالى: ﴿وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ﴾ [العنكبوت: ١٢].والكثير في لام الطلب أن تَدخل على المضارع الدال على الغائب، قال تعالى: ﴿فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: ٥٨] ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ﴾ [الطلاق: ٧] ﴿فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ﴾ [الطلاق: ٧] ومنه ما في آيتنا ﴿وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢] ﴿فَلْيُؤَدِّ﴾ [البقرة: ٢٨٣] كلاهما مجزوم بلام الأمر، وعلامته حذف حرف العلة.ودون ذلك دخولها على المضارع المبدؤ بالتاء للمخاطب وبه قرأ يَعْقُوب فِي رِوَايَة رويس كما في «حجة القراءات» (ص: ٣٣٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute