وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «قَدْ نُهِيَ أَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا، وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا» (١).
قال النووي: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي النَّهْيِ عَنِ انْتِبَاذِ الْخَلِيطَيْنِ وَشُرْبِهِمَا، وَهُمَا تَمْرٌ وَزَبِيبٌ، أَوْ تَمْرٌ وَرُطَبٌ، أَوْ تَمْرٌ وَبُسْرٌ، أَوْ رُطَبٌ وَبُسْرٌ، أَوْ زَهْوٌ وَوَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ: سَبَبُ الْكَرَاهَةِ فِيهِ أَنَّ الْإِسْكَارَ يُسْرِعُ إِلَيْهِ بِسَبَبِ الْخَلْطِ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ طَعْمُهُ، فَيَظُنُّ الشَّارِبُ أَنَّهُ لَيْسَ مُسْكِرًا وَيَكُونُ مُسْكِرًا.
وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الجُمْهُورِ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ لِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَلَايَحْرُمُ ذَلِكَ، مَا لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا. وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ بَعْضُ المَالِكِيَّةِ: هُوَ حَرَامٌ. وَقَالَ أَبُوحَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ في رِوَايَةٍ عَنْهُ: لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَا حَلَّ مُفْرَدًا حَلَّ مَخْلُوطًا. وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ (٢).
(١) أخرجه مسلم (١٩٩١).(٢) «شرح النووي على مسلم» (١٣/ ١٥٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute