وَلَوْ كتبَ بِهِ لِي مِنَ الخَرَاجِ، لأَخَذْتُهُ.
فَقَالَ: لَعَلَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ؛ لأَنَّهُ كَانَ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَيَقُوْلُ: إِنَّمَا الصَّدَقَةُ لِهَؤُلاَءِ الأَصْنَافِ، لِلْفُقَرَاءِ، وَالمَسَاكِيْنِ، وَالغَارِمِيْنَ.
فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ يَأْخُذُ مِنَ الخَرَاجِ؟
قَالَ: هَذَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ، يَقُوْلُ: لَيْسَ هُوَ مِنَ الصَّدَقَةِ (١) .
أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: عَنْ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ:
خَلَّفَ الخُرَيْبِيُّ أَرْبَعَ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادٍ بِيَدِ نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ مائَةَ دِيْنَارٍ، فَقَبِلَهَا (٢) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَتَيْنَا عَبْدَ اللهِ بنَ دَاوُدَ لِيُحَدِّثَنَا، فَقَالَ: قُوْمُوا اسْقُوا البُسْتَانَ.
فَلَمْ نَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ يَقُوْلُ:
كَتَبتُ الحَدِيْثَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ حَيٌّ، وَلَمْ أَقصِدْهُ؛ لأَنِّي كُنْتُ يَوْماً فِي بَيْتِ عَمَّتِي، وَلَهَا بَنُوْنَ أَكْبَرُ مِنِّي، فَلَمْ أَرَهُم، فَسَأَلْتُ عَنْهُم.
فَقَالُوا: قَدْ مَضَوا إِلَى عَبْدِ اللهِ بنِ دَاوُدَ، فَأَبْطَؤُوا، ثُمَّ جَاؤُوا يَذُمُّونَهُ.
وَقَالُوا: طَلَبْنَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَلَمْ نَجِدْهُ، وَقَالُوا: هُوَ فِي بُسَيْتِنَةٍ لَهُ بِالقُرْبِ.
فَقَصَدْنَاهُ، فَإِذَا هُوَ فِيْهَا، فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، وَسَأَلْنَاهُ أَنْ يُحَدِّثَنَا.
فَقَالَ: مُتِّعتُ بِكُم أَنَا، فِي شُغُلٍ عَنْ هَذَا، هَذَا البُسَيْتِنَةُ لِي، فِيْهَا مَعَاشُ، وَتَحْتَاجُ إِلَى أَنْ تُسْقَى، وَلَيْسَ لِي مَنْ يَسْقِيْهَا.
فَقُلْنَا: نَحْنُ نُدِيرُ الدُّوْلاَبَ، وَنَسْقِيْهَا.
فَقَالَ: إِنْ حَضَرَتْكُم نِيَّةٌ، فَافْعَلُوا.
فَتَشَلَّحْنَا، وَأَدَرْنَا الدُّوْلاَبَ حَتَّى سَقَيْنَا البُسْتَانَ، ثُمَّ قُلْنَا لَهُ: حَدِّثْنَا الآنَ.
فَقَالَ: مُتِّعْتُ بِكُم، لَيْسَ لِي نِيَّةٌ فِي أَنْ أُحَدِّثَكُم، وَأَنْتُم كَانَتْ لَكُم نِيَّةٌ تُؤجَرُوْنَ عَلَيْهَا (٣) .
(١) " تاريخ يحيى بن معين " ٣٠٣، ٣٠٤.
(٢) " تهذيب الكمال ": ٦٧٨.
(٣) " تهذيب الكمال ": ٦٧٨.