وأما علامة الأمر فهي: أن يدل بصيغته١ على طلب شيء، مع قبوله ياء المخاطبة. فلا بد من الأمرين معًا؛ أي: أن علامته مزدوِجة؛ مثل: ساعدْ من يحتاج للمساعدة، وتكلمْ بالحق، واحرصْ على إنجاز عملك. وتقول: ساعدي.. وتكلمي ... واحرصي ... ومن الأمثلة قوله تعالى للرسول الكريم:{خُذِ الْعَفْو َ ٢ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ٣ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وتقول: خُذي ... -وأمْري ... -وأعْرِضِي ...
ومن فعل الأمر كلمة:"هاتِ" و: "تعالَ" لقبولهما علامته. تقول: هاتي يا شاعرة ما نَظمتِ، وتعاليْ نقرؤه.
فإن دلت الكلمة على ما يدل عليه فعل الأمر ولكنها لم تقبل علامته فليست بفعل أمر؛ وإنما هي:"اسم فعل أمر"٤؛ مثل:"صَهْ"، بمعنى: اسكت. و"مَهْ" بمعنى: اترك ما أنت فيه الآن، و"نَزَالِ" بمعنى: انزلْ. و"حيَّهَلْ" بمعنى: أقبلْ علينا.
وهناك علامتان مشتركتان٥ بين المضارع والأمر.
الأولى: نون التوكيد خفيفة وثقيلة، فى نحو؛ والله لأجْتهدَنْ. واجتهدنَ يا صديقي ... بتشديد النون أو تخفيفها فى كل فعل.
الثانية: ياء المخاطبة، مثل: أنت يا زميلتي تُحْسنين أداء الواجب، ومؤاساة المحتاجين؛ فداومي على ذلك. فقد اتصلت ياء المخاطبة بآخر المضارع؛ وهو:"تحسنين" وآخر الأمر؛ وهو: دوامي ...
١ سبق "في ص٤٨" أن المراد بذلك هو: أن تكون دلالته ذاتية أي: مستمدة من صيغته نفسها لا من زيادة شيء عليها، فالدلالة على الأمرية في مثل: "لتخرج" مستمدة من اللام الداخلة على الفعل المضارع بعدها، ولا يصح أن يقال في الفعل الذي بعد تلك اللام إنه فعل أمر، وإنما هو فعل مضارع. ٢ الميسور المقبول من كلام الناس وأفعالهم، من غير أن تكلفهم الكمال الأعلى الذي لا يطيقونه. ٣ الأمر المحمود المستحسن شرعا. ٤ لاسم الفعل تعريف عام موجز في رقم٥١ من هامش ص٤٩ وكذا في رقم٦ من ص٧٨ وله باب مستقل في جـ٤. ٥ سبقت الإشارة إليهما في رقم٢ من هامش ص٥٦.