يكاد يقع الاتفاق على صحة قصر الممدود في الضرورة١ وحدها. ومنه قول المادح يصف من مدحهم بأنهم المثال الأعلى الذي يعرفه الناس للفضائل، وأنهم أهل الوفاء:
فهم مثل الناس الذي يعرفونه ... وأهل الوفا من حادث وقديم
وقول الآخر في الخمر:
فقلت: لو باكرت مشمولة٢ ... صفرا، كلون الفرس الأشقر
أي: صفراء٣..
أما مد المقصور فالخلاف فيه متشعب٤ ... ، والأحسن الأخذ بالرأي الذي يبيحه في الضرورة الشعرية ونحوها؛ لأن الشعر وملحقاته محل التيسير. بشرط ألا يؤدي المد إلى خفاء المعنى أو لبسه؛ فيصح: غناء في غنى -نهاء في نهى- بلاء في بلى ... ولا يصح هذا في نوع النثر الذي لا يلحق بالشعر في الضرورة، دون النوع الآخر الذي يلحق به.
١ في رقم ٢ من هامش ص٢٧١ بيان واف عن معنى الضرورة، وأنها غير مقصورة على الشعر، بل تشمله وتشمل أنواعا أخرى محددة معينة هناك. ٢ خمرا. ٣ ومن أمثالهم القديمة: "لا بد من صنعا، وإن طال السفر". أي: صنعاء -بلد باليمن. ٤ وفي النوعين يقول ابن مالك: وقصر ذي المد اضطرارا مجمع ... عليه. والعكس بخلف يقع "ذي المد: صاحب المد، وهو الممدود، اضطرارا، أي: للضرورة. خلف: خلاف" يقول: قصر الممدود للضرورة متفق عليه إجماعا. أما العكس -وهو: مد المقصور- فيقع بخلف، أي: فيجوز وقوعه مع الخلاف في أمر صحته. والرأي الأرجح رفضه كما بينا، إلا في ضرورة الشعر وملحقاته.