ما بعده علة لما قبله من كلام مثبت١، غالبا؛ فهي بمنزلة "لام التعليل" السابقة٢ معنى وعملا". ولها أربع صورة:
الأولى: أن تدخل على "ما" الاستفهامية، -للسؤال عن العلة- فتجرها؛ نحو: كيم تكثر الغابات في المناطق الاستوائية؟ بمعنى: لم تكثر الغابات..؟ ولا يصح أن تكون هنا مصدرية؛ لوجود فاصل قوي بينهما وبين المضارع، ولفساد التركيب والمعنى على المصدرية.
الثانية: أن تدخل على: "ما" المصدرية فتجر المصدر المؤول: كقول الشاعر:
إذا أنت لم تنفع فضر؛ فإنما ... يرجى الفتى كيما يضر وينفع
أي: يرجى الفتى "كي" الضر والنفع؛ بمعنى: للضر والنفع٣. فلا يصح -في الراجح- اعتبارها مصدرية؛ لوجود الفاصل، ولأن الحرف المصدري لا يدخل على حرف مصدري -في الفصيح لا لتوكيد لفظي في بعض الحالات، أو لضرورة شعرية، وكلاهما غير مستحسن هنا ...
الثالثة: الداخلة على: "لام الجر" كقول الشاعر يفتخر بكرمه:
فأوقدت ناري كي ليبصر ضوءها ... وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله
ولا يصح اعتبارها مصدرية؛ لوجود الفاصل، أما هذا المضارع المنصوب بعدها فناصبه: "أن" المضمرة جوازا بعد لام التعليل.
الرابعة: الداخلة على "أن" المضمرة وجوبا -عند البصريين؛ نحو: أخلص في عملي كي أرفع شأن وطني وهذا على اعتبار الناصب للمضارع عندهم
١ انظر رقم ٢ من هامش ص٣٠١، و"ب" من ص٣٢١. ٢ في ص٣٠١. ٣ وقيل إن "ما" زائدة، كفتها عن العمل -تبعا لبعض الآراء- وليست مصدرية، والمصدر منسبك من "كي" الملغاة وصلتها. وعلى هذا تكون لام الجر مقدرة قبلها. وتدخل "كي" في عداد المصدرية الناصبة، ولكنها لم تنصب بسبب "ما".