هذا المشهور مخالف لما نقلناه عن بعض المحققين١.
وقد يخلو الكلام من ذكر العامل٢؛ لأنه:
أ– إما محذوف جوازًا لوضوحه؛ بسبب اشتهاره في الاستعمال قبل الحذف وأمن اللبس بعد الحذف، أو بسبب وجود دليل يدل عليه؛ فمثال الأول: "بأبي" في قول المتنبي:
بأبي من وددته فافترقنا ... وقضى الله بعد ذاك اجتماعا
وقول الآخر:
بنفسي تلك الأرض؛ ما أطيب الربا!! ... وما أحسن المصطاف٣ والمتربعا٤!!
يريد: أفدي بأبي، أفدي بنفسي، ومثال الثاني: أزورك في مساء الخميس أما أخوك ففي مساء الجمعة، أي: فأزوره في مساء الجمعة.
ب– وإما محذوف وجوبًا إذا كان هذا العامل٢ دالًا على مجرد الكون العام، أي: الوجود المطلق؛ وذلك في مسائل؛ أشهرها سبعة:
١– أن يقع صفة، نحو؛ هذه رسالة في يد صديق عزيز.
٢– أو: حالًا؛ نحو: نظرات الرسالة في يد صديق عزيز.
٣– أو: صلة، نحو: استمتعت بالأزهار التي في الحديقة.
٤– أو: خبرًا لمبتدأ أو لناسخ، كقول الشاعر:
جسمي معي، غير أن الروح عندكمو ... فالجسم في غربة، والروح في وطن
فليعجب الناس مني؛ أن لي بدنًا ... لا روح فيه، ولى روح بلا بدن
١ راجع إيضاح هذا وتفصيله الكامل في باب: "الظرف" رقم٤ من هامش ص٢٤٥ م٧٨.
"٢و٢" وهو: المتعلق به، وقد يكون تعلق شبه الجملة بالإسناد "أي: بالنسبة الواقعة بين ركني الجملة، وهذا إذا لم نتوصل إلى فعل أو شبهه مما يصح التعلق به، كقول ابن مالك في باب الاستثناء خاصا بالأداتين "خلا وعدا": "وحيث جرا فهما حرفان ... "، فالظرف "حيث" متعلق بالنسبة المأخوذة من قوله: "فهما حرفان" أي: تثبت حرفيتهما حيث جرا، "وقد سبق تفصيل وإيضاح لهذا في هامش ص٣٥٧، وتسمية بالعامل المعنوي ص٢٤٥".
٣ المكان المختار لقضاء فصل الصيف فيه.
٤ المكان المختار لقضاء فصل الربيع فيه.