أحيانًا في إتمام المعنى الأساسي للجملة، أو في منع فساده؛ فالأولى كالحال التي تسد مسد الخير١، في مثل: امتداحي الغلام مؤدبًا؛ فإن المعنى الأساسي هنا لم يتم إلا بذكر الحال، وكالحال في قوله تعالى:{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} وقوله تعالى: {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} ، وقول الشاعر:
ولست ممن إذا يسعى لمكرمة ... يسعى وأنفاسه بالخوف تضطرب
فالمعنى الأساسي لا يتم لو حذفت الحال:"كسالى" أو: "جبارين" أو: "أنفاسه تضطرب؟
والثانية: "وهي الحال التي يفسد معنى الجملة بحذفها"؛ مثل: ليس الميت من فارق الحياة، إنما الميت من يحيا خاملًا لا نفع له؛ فلو حذفنا الحال: "خاملًا" وقلنا: الميت من يحيا لوقع التناقض الذي يفسد المعنى، ومثل كلمة: "لاعبين" في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ} ، فلو حذفت الحال "لاعبين" لفسد المعنى أشد الفساد٢ ...
هذا، وما يبين الحال هيئته من فاعل، أو مفعول به، أو منهما معًا؛ أو من غيرهما، يسمى: "صاحب الحال٣".
والتعريف السابق مقصور على الحال "المؤسسة" دون "المؤكدة"؛ لأن المؤسسة هي التي تبين هيئة صاحبها، أما المؤكدة فلا تبين هيئة، ومثال الأولى: ارتمى السارق صارخًا، ومثال الثانية: ولى الحزين منصرفًا، وسيجيء بيانهما وتفصيل الكلام عليهما قريبًا ٤.
أقسام ٥ الحال، والكلام على كل قسم:
تتعدد أقسام الحال بتعدد الاعتبارات المختلفة التي ينبني عليها التقسيم، وفيما يلي
١ سبق شرحه في ج ١ ص ٣٨٥ م ٣٩ باب: المبتدأ والخبر. ٢ انظر رقم ٣ من ص ٤٠٨. ٣ يجيء الكلام عليه مفصلًا في ص ٤٠٢ م ٨٥. ٤ في ص ٣٩١. ٥ يسميها بعض النحاة أقسامًا، ويسميها آخرون أوصافًا، ويسميها فريق ثالث: نواحي الحال ... و ... ولا أهمية لاختلاف التسمية ما دام المراد واحدًا؛ وهو الكلام على الحال بحسب الاعتبارات المتصلة بها.