تَثْبِيتًا، وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا، وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [النساء: ٦٦ - ٦٨]. وقال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [يونس: ٦٢ - ٦٤]، وقال رسول الله ﷺ:"اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله"، ثم قرأ قوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾ [الحجر: ٧٥](١). رواه الترمذي من رواية أبي سعيد الخدري، وقال تعالى، فيما يرويه عنه رسول الله ﷺ:"من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما أفترضت عليه، ولا يزال عبد يتقرب إليّ بالنوافل، حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت، وأكره مساءته، ولا بد له منه"(٢).
وقول المعتزلة في إنكار الكرامة: ظاهر البطلان، فإنه بمنزلة إنكار المحسوسات. وقولهم: لو صحت لأشبهت المعجزة، فيؤدي إلى التباس النبي ﷺ بالولي، وذلك لا يجوز! وهذه الدعوى إنما تصح إذا كان الولي يأتي بالخارق ويدعي النبوة، وهذا لا يقع، ولو ادعى النبوة لم يكن وليا، بل كان متنبئا كذابا، وقد تقدم الكلام في الفرق بين النبي والمتنبئ، عند قول الشيخ: وأن محمدا عبده المجتبى ونبيه المصطفى (٣).
ومما ينبغي التنبيه عليه ههنا: أن الفراسة ثلاثة أنواع:
إيمانية، وسببها نور يقذفه الله في قلب عبده، وحقيقتها أنها خاطر يهجم (٤)،
(١) ضعيف فيه عند الترمذي، وغيره عطية العوفي وهو ضعيف مدلس، وهو مخرج في "الأحاديث الضعيفة" "١٨٢١". (٢) صحيح، أخرجه البخاري، وقد تقدم. (٣) ص ١٤٩ - ١٥٧. (٤) في الأصل: يهجر، ويبدو أن الصحيح: يهجم.