للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: ٢٨]. وقال تعالى: ﴿إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾ [يونس: ٢١]. وفي الصحيح عن النبي أنه قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيصعد إليه الذين كانوا فيكم، فيسألهم، والله أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتياناهم وهم يصلون، وفارقناهم وهم يصلون" (١). وفي الحديث الآخر: "إن معكم من لا يفارقكم إلا عند الخلاء وعند الجماع، فاستحيوهم، وأكرموهم" (٢). جاء في التفسير: اثنان عن اليمين وعن الشمال، يكتبان الأعمال، صاحب اليمين يكتب الحسنات، وصاحب الشمال يكتب السيئات، وملكان آخران يحفظانه ويحرسانه، واحد من ورائه، وواحد أمامه، فهو بين أربعة أملاك بالنهار، وأربعة آخرين بالليل، بدلا، حافظان وكاتبان، وقال عكرمة عن بن عباس: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الرعد: ١١]، قال: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدر الله خلوا عنه.

وروى مسلم والإمام أحمد عن عبد الله، قال: قال رسول الله : "ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة"، قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: "وإياي، لكن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير" (٣). الرواية بفتح الميم من "فأسلم" [ومن رواه فأسلم برفع الميم، فقد حرف لفظه. ومعنى "فأسلم" أي: فاستسلم وانقاد لي، في أصح القولين، ولهذا قال: "فلا يأمرني إلا بخير"، ومن قال: إن الشيطان صار مؤمنا، فقد حرف معناه، فإن الشيطان لا يكون مؤمناً (٤). ومعنى: ﴿يَحْفَظُونَهُ


(١) متفق عليه عن أبي هريرة، وهو مخرج في "الظلال" "٤٩١".
(٢) ضعيف، "الضعيفة" رقم "٢٢٤١".
(٣) عبد الله هو ابن مسعود، وأخرجه الدارمي عنه أيضا في "الرقاق" وقال: من الناس من يقول: "أسلم": استسلم، يقول: ذل.
(٤) قال الشيخ أحمد شاكر: والخلاف في ضبط الميم من "فأسلم" خلاف قديم والراجح فيها الفتح: كما قال الشارح، ولكن المعنى الذي رجحه غير راجح. فقال القاضي عياض، في "مشارق الأنوار" "٢/ ٢١٨": "رويناه بالضم والفتح. فمن ضم رد ذلك إلى =

<<  <   >  >>