للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

داود وغيره، بسنده إلى رسول الله ، من حديث الأطِيط، أنه قال: "إن عرشه على سمواته لهكذا"، وقال بأصابعه، مثل القبة (١). الحديث، وفي صحيح البخاري عن رسول الله أنه قال: "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وفوقه عرش الرحمن" (٢). يروى "وفوقه" بالنصب على الظرفية، وبالرفع على الابتداء، أي: وسقفه.

وذهب طائفة من أهل الكلام إلى أن العرش فلك مستدير من جميع جوانبه محيط بالعالم من كل جهة، وربما سموه: الفلك الأطلس، والفلك التاسع! وهذا ليس بصحيح، لأنه قد ثبت في الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة، كما قال : "فإن الناس يصعقون، فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جُوزي بصعقة الطور" (٣). والعرش في اللغة: عبارة عن السرير الذي للملك، كما قال تعالى عن بلقيس: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [النمل: ٢٣]. وليس هو فلكا، ولا تفهم منه العرب ذلك، والقرآن إنما نزل بلغة العرب، فهو: سرير ذو قوائم تحمله الملائكة، وهو كالقبة على العالم، وهو سقف المخلوقات، فمن شعر أمية ابن أبي الصلت:

مجدوا الله فهو للمجد أهل … ربنا في السماء أمسى كبيرا

بالناء العالي الذي بهر النا … س وسوى فوق السماء سريرا

شرجعاً لا يناله بصر العيـ … ـن ترى حوله الملائك صورا

الصور هنا: جمع: أصور، وهو: المائل العنق لنظره إلى العلو. والشرجع: هو العالي المنيف. والسرير: هو العرش في اللغة. ومن شعر عبد الله بن رواحة ، الذي عرض به عن القراءة لامرأته حين اتهمته بجاريته:


(١) ضعيف الإسناد، ولا يصح في أطيط العرش حديث، وهو مخرج في "الظلال" "٥٧٥ و ٥٧٦" وانظر فيه الحديث الذي قبله.
(٢) صحيح، وأخرجه الإمام أحمد أيضا، وهو مخرج في "الصحيحة" "٩٢١" و"الظلال" "٥٨١".
(٣) متفق عليه، وتقدم.

<<  <   >  >>