للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسح على ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أي رب، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى رجلا منهم، فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب، من هذا؟ قال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له: داود، قال: [رب]، كم عمره؟ قال: ستون سنة، قال: أي رب، زده من عمري أربعين سنة، فلما انقضى عمر آدم، جاء ملك الموت، قال: أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود؟ قال: فجحد! فجحدت ذريته، ونسي آدم، فنسيت ذريته، وخطئ آدم، فخطئت ذريته" (١). ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

وروى الإمام أحمد أيضا عن أنس بن مالك ، عن النبي ، قال: "يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء، أكنت مفتديا به؟ قال: فيقول: نعم، قال: فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي شيئا" (٢). وأخرجاه في الصحيحين أيضا.

وذكر أحاديث أخرى أيضا كلها دالة على أن الله استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل النار وأهل الجنة. ومن هنا قال من قال: إن الأرواح مخلوقة قبل الأجساد (٣). وهذه الآثار لا تدل على سبق الأرواح الأجساد (٤) سبقا مستقرا ثابتا، وغايتها أن تدل على أن باريها وفاطرها سبحانه صور النسمة وقدر خلقها وأجلها


(١) صحيح، وجدت له أربعة طرق، بعضها عند ابن أبي عاصم في "السنة" "٢٠٤، ٢٠٥ بتحقيقي طبع المكتب الإسلامي".
(٢) صحيح، متفق عليه، وهو في "المسند" "٣/ ١٢٧، ١٢٩" طبع المكتب الإسلامي.
(٣) قال عفيفي: انظر المسألة ١٨ من كتاب "الروح" لابن القيم، و"تفسير ابن كثير" عند قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ الآيات من سورة الأعراف.
(٤) في الأصل: أو الأجساد.

<<  <   >  >>