الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده، لما بين مصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى" (١).
أخرجاه في الصحيحين بمعناه، واللفظ للإمام أحمد.
والعجب كل العجب، من إيراد الأئمة لهذا الحديث من أكثر طرقه، لا يذكرون أمر الشفاعة الأولى، في مأتى الرب ﷾ لفصل القضاء، كما ورد هذا في حديث الصور (٢)، فإنه المقصود في هذا المقام، ومقتضى سياق أول الحديث، فإن الناس إنما يستشفعون إلى آدم فمن بعده من الأنبياء في أن يفصل بين الناس ويستريحوا من مقامهم، كما دلت عليه سياقاته من سائر طرقه، فإذا وصلوا إلى الجزاء إنما يذكرون الشفاعة في عصاة الأمة وإخراجهم من النار، وكان مقصود السلف -في الاقتصار على هذا المقدار من الحديث- هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة، الذين أنكروا خروج أحد من النار بعد دخولها، فيذكرون هذا القدر من الحديث الذي فيه النص الصريح في الرد عليهم، فيما ذهبوا إليه من البدعة المخالفة للأحاديث، وقد جاء التصريح بذلك في حديث الصور، ولولا خوف الإطالة لسقته بطوله، لكن من مضمونه: أنهم يأتون آدم ثم نوحا، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم يأتون رسول الله محمدا ﷺ، فيذهب فيسجد تحت العرش في مكان يقال له: الفحص، فيقول الله: ما شأنك؟ وهو أعلم، قال رسول الله ﷺ، فأقول: "يا رب، وعدتني الشفاعة، فشفعني، في خلقك، فاقض بينهم، فيقول ﷾: شفعتك، أنا آتيكم فأقضي بينهم، قال: فأرجع فأقف مع الناس"، ثم ذكر انشقاق السموات، وتنزل الملائكة في الغمام، ثم يجيء الرب ﷾ لفصل القضاء، والكروبيون والملائكة المقربون يسبحون بأنواع التسبيح، قال: فيضع الله كرسيه حيث شاء من أرضه، ثم يقول: إني أنصت لكم منذ خلقتكم إلى يومكم هذا أسمع أقوالكم، وأرى أعمالكم، فأنصتوا
(١) صحيح، وهو في "المسند" "٢/ ٤٣٥" بسند "الصحيحين"، وهو مخرج في "ظلال الجنة" في تخريج السنة "٨١١". (٢) يأتي ذكر خلاصته بعد سطور.