كان لبعضهم فيه كلام، وكان رسول الله ﷺ أعلم بما علمه ربه تعالى، وقد علم ﵇ أن الله تعالى سيجعل للمسلمين فرجاً مضموناً من عند الله تعالى، وأنذر المسلمين بذلك، وعلم ﵇ أن هذا الصلح قد جعله الله تعالى سبباً لظهور الإسلام. وأنس الناس بعد نفارهم، وكره سهيل بن عمرو أن يكتب صدر الصحيفة " محمد رسول الله " وأبى عليّ بن أبي طالب، وهو كاتب الصحيفة، أن يمحو بيده " رسول الله "ﷺ(١)، فمحا رسول الله ﷺ هذه الصفة بيده، وأمر الكاتب أن يكتب " محمد بن عبد الله ".
وأتى أبو جندل بن سهيل، يرسف في قيوده، فرده رسول الله ﷺ إلى أبيه بعد أن أجاره مكرز بن حفص (٢)، فعظم ذلك على المسلمين، فأخبرهم ﵇ أن الله سيجعل له فرجاً.
وكان قد أتى قوم من عند قريش، قيل: ما بين الأربعين إلى الثلاثين، فأرادوا الإيقاع بالمسلمين، فأخذوا أخذاً، فأطلقهم رسول الله ﷺ، فهم العتقاء الذين ينتمون إليهم العتقيون.
وكان ﵇ قبل تمام هذا الصلح قد بعث عثمان بن عفان إلى مكة رسولا، وشاع أن المشركين قتلوه، فدعا رسول الله ﷺ إلى المبايعة على الموت، وأن لا يفروا عن القتال، وهي بيعة الرضوان، التي كانت تحت الشجرة، التي أنثنى الله تعالى على أهلها، وأخبر ﵇ أنهم لا يدخلون النار.
(١) لعل الصلاة على النبي هنا زيادة من الناسخين. (٢) في الأصل بعد كلمة " أجاره " بياض يتلوه " بن جابر "؛ والتصويب من الإمتاع: ٢٩٤.