عليه وسلم أمسكوا عما كانوا يقولون. فنزل رسول الله ﷺ على بئر من آبارهم يقال لها " بئر أنا "(١) وقيل " بئر أني "، وحاصرهم رسول الله ﷺ خمساً وعشرين [ليلة](٢)، وعرض عليهم سيدهم كعب بن أسد ثلاث خصال، وهي: إما الأسلام؛ وإما قتل ذراريهم ونسائهم ثم القتال حتى يموتوا؛ وإما تبيت النبي ﷺ ليلة السبت ظنا منه أن المسلمين قد أمنوا منهم. وأبوا كل ذلك، وأرسلوا إلى رسول الله ﷺ أن يبعث إليهم أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف، وكانوا حلفاء الأوس فأرسله ﷺ إليهم، فلما أتاهم أجتمع إليه رجالهم والنساء والصبيان، فقالوا له: يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حكم محمد قال: نعم. أشار إليهم أنه الذبح. ثم ندم أبو لبابة من وقته وعلم أنه قد أذنب، فانطلق على وجهه ولم يرجع إلى النبي ﷺ، فكتف نفسه إلى عمود من أعمدة المسجد، وقال: لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله ﷿ عليّ. وعاهد الله تعالى أن لا يدخل أرض بني قريظة أبداً، ولا يكون بأرض خان الله ورسوله فيها. وبلغ ذلك رسول الله ﷺ فقال: لو أتاني لا ستغفرت له، فأما إذ فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقعه من مكانه حتى يتوب الله عليه. فنزلت التوبة على رسول الله ﷺ في أمر أبي لبابة، فتولى رسول الله ﷺ إطلاقه بيده، وقيل: إنه رضوان الله تعالى عليه أقام مرتبطاً بالجذع ست ليالٍ لا يحل إلا للصلاة. (٣).
(١) بئر لنا: وزن هنا، أو حتى، أو بكسر النون المشددة. (٢) زيادة موضحة. (٣) في هامش النسخة: إلا لصلاة.