قال القاضي: يصح ادعاء العموم في المضمرات والمعاني. أما المضمرات نحو قوله:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[٣/٥] و: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ}[٩٦/٥] ومعلوم أنه لم يرد نفس العين؛ لأنها فعل الله، وإنما أراد أفعالنا فيها، فيعم تحريمها بالأكل والبيع. وكذلك قوله:«لا أحل المسجد لجنب» ليس المراد عين المسجد، وإنما المراد به أفعالنا (٢) .
واحتج المخالف أن اللفظ اقتضى تحريم العين نفسها فإذا حمل على الفعل يجب أن يصير مجازا كقوله:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}[٨٢/١٢] قال: والجواب أن هذا وإن لم يتناول ذلك نطقا فهو المراد من غير دليل ويفارق هذا {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} نحوه، لأنا لم نعلم أن المراد به أهلها باللفظ لكن بدليل لأنه لا يستحيل جواب حيطانها في قدرة الله، فاحتاج إلى دليل يعرف به أنه أراد أهلها.
قال شيخنا: قلت: مضمون هذا أن القرينة العقلية إذا عرف المراد بها لم يكن اللفظ مجازا؛ بل حقيقة، فكل ما حمل اللفظ عليه بنفس اللفظ مع العقل فهو حقيقة [أو أنه يحتمل أن يكون هذا حقيقة عرفية، لكن كلامه اقتضى أن ما فهم من اللفظ من غير دليل منفصل فهو حقيقة] وإن لم يكن مدلولا عليه بالوضع، وستأتي حكايته عن أبي الحسن التميمي: أن وصف الأعيان بالحل والحظر [توسع واستعارة كما قال البصري] .
والصحيح في هذا الباب خلاف القولين: أن الأعيان توصف بالحل