فمما جاء من ذلك في النثر قولهم: ويلمه. وإنما أصله ويل لأمه. يدل على ذلك ما أنشده الأصمعي:
لأم الأرض ويل! ما أجنت ... غداة أضر بالحسن السبيل١
فحذف لام "ويل" وتنوينه لما ذكرنا، وحذفت همزة أم، فبقي: ويلمه. فاللام الآن لام الجر؛ ألا تراها مكسورة. وقد يجوز أن تكون اللام المحذوفة هي لام الجر؛ كما حذف حرف الجر من قوله: الله أفعل، وقول رؤبة: خيرٍ عافاك الله، وقول٢ الآخر٣:
رسم دارٍ وقفت في طلله
"وهو من المقلوب، أي طلل دار وقفت في رسمه"٤ وعليه قراءة الكسائي: "بما أنزليك"٥ -وقد ذكرناه- وقراءة ابن كثير:"إنها لحدى الكبر"٦ وحكاية٧ أحمد ابن يحيى قول المرأة لبناتها وقد خلا الأعرابي بهن: أفي السوتنتنه "تريد: أفي السوءة أنتنه"٨ ومنه قولهم: الله٩ في هذه الكلمة في أحد قولي سيبويه وهو أعلاهما. وذلك أن يكون أصله إلاه، فحذفت الهمزة التي هي فاء. وكذلك الناس؛ لأن أصله أناس قال١٠:
وإنا أناس لا نرى القتل سبة ... إذا ما رأته عامر وسلول
١ من شعر لعبد الله بن عتمة الضبي يرثي فيه بسطام بن قيس الشيباني. وبعده: يقسم ما له فينا فندعو ... أبا الصهبا إذا جنح الأصبل والحسن: جبل أورمل في بلاد تميم، ويقال: أضر الطريق بالمكان أي دنا منه، يقول هذا على جهة التعجب، فيقول: أجنت الأرض في هذا المكان كرما وخيرا، وأبو الصهباء، هو بسطام بن قيس. وانظر اللسان "ضرر"، ومعجم ياقوت. ٢ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "قال". ٣ أي جميل، وانظر ص٢٨٦ من الجزء الأول. ٤ سقط ما بين القوسين في ش، ط. ٥ آية ٤ سورة البقرة. ٦ آية ٣٥ سورة المدثر. ٧ كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "حكى". ٨ سقط ما بين القوسين في ش. ٩ لم يذكر لفظ الجلالة في د، هـ، ز. ١٠ أي السموءل بن عادياء، من قصيدته المشهورة، وانظر شرح التبريزي للحماسة ١/ ١١١.