والضرب١ الثاني مما٢ هجمت فيه الحركة على الحركة من غير قياس. وهو كبيت٣ الكتاب:
وقال اضرب الساقين إمك هابل٤
وأصله: امك هابل، إلا أن همزة "أمك" كسرت لانكسار ما قبلها، على حد قراءة من قرأ:{فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} ٥ فصار: إمك هابل، ثم أتبع الكسر الكسر، فهجمت كسرة الإتباع على ضمة الإعراب، فابتزتها موضعها٦، فهذا شاذٌ لا يقاس عليه، ألا تراك لا تقول: قدرك واسعة، ولا٧ عدلك ثقيل، ولا بنتك عاقلة.
ونحو من ذلك في الشذوذ قراءة الكسائي "بما أنزليك"٨. وقياسه في تخفيف الهمزة أن تجعل الهمزة بين بين فتقول: بما أنزل إليك؛ لكنه حذف الهمزة حذفا، وألقى حركتها٩ على لام أنزل، وقد كانت مفتوحة فغلبت١٠ الكسرة الفتحة على الموضع، فصار تقديره: بما أنزلليك، فالتقت اللامان متحركتين، فأسكنت الأولى وادغمت في الثانية كقوله تعالى {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} ١١.
ونحو منه ما حكاه لنا أبو علي عن أبي عبيدة أنه سمع: دعه في حر أمه. وذلك أنه نقل ضمة١٢ الهمزة -بعد أن حذفها- على الراء وهي مكسورة، فنفى١٣ الكسرة، وأعقب منها ضمة.
١ سقط حرف العطف في د، هـ، ز، ط. ٢ كذا في ش، ط، ز، والأنسب: "ما". ٣ كذا في ش، وفي ط، وفي ز: "بيت". ٤ انظر ص١٤٧ من الجزء الثاني من هذا الكتاب، وص٢٧٢ ج٢ من سيبويه. ٥ آية ١١ سورة النساء وهو يريد القراءة بكسر همزة أمه في الآية، وهي قراءة حمزة والكسائي، وانظر البحر ٣/ ١٨٤. ٦ سقط في ش. ٧ سقط هذا الحرف في د، هـ، ز. ٨ آية ٤ سورة البقرة، ولم أر من نسب هذه القراءة إلى الكسائي، وفي البحر ١/ ٤١ أنها شاذة ولم ينسبها. ٩ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "كسرتها". ١٠ كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "وقلب". ١١ آية ٣٨ سورة الكهف. ١٢ سقط في ش. ١٣ في ط: "فبقي".