مسلم (١) ، وهو عامٌّ في جميع أنواع الغُلوِّ في الاعتقادات والأعمال.
والغلوُّ: مجاوزة الحد بأن يُزاد الشيء في حمده أو ذمِّه على ما يستحق. وأمَرَنا أن نقول:{وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا}[البقرة: ٢٨٦]، ووضع عنَّا الآصار (٢) ، ونهى -صلى الله عليه وسلم- عن الغلوِّ في العبادات صومًا وصلاةً (٣) .
وقال له رجلٌ: ائْذَنْ لي بالسياحة، فقال:"إنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتي الجهادُ في سَبِيلِ اللهِ"(٤) .
وفي خبرٍ آخر:"إنَّ السِّياحةَ هي الصِّيامُ"(٥) ، أو: السائحون هم الصائمون، أو نحو ذلك، وهو تفسير ما ذكر الله من قوله:{السَّائِحُونَ}[التوبة: ١١٢].
فأما السياحة التي هي الخروج في البريَّة لغير مقصد معيَّن، فليس
(١) وصححه ابن خزيمة رقم (٢٨٦٧)، وابن حبان رقم (٣٨٧١). (٢) كما في قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: ١٥٧]. (٣) كما في حديث النفر الثلاثة الذين سألوا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهم تقالُّوها - أخرجه البخاري رقم (٥٠٦٣)، ومسلم رقم (١٤٠١) من حديث أنسٍ -رضي الله عنه-. (٤) أخرجه أبو داود رقم (٢٤٨٦)، والحاكم: (٢/ ٧٣)، والبيهقي: (٩/ ١٦١)، من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" اهـ. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود". (٥) أخرجه ابن جرير: (٦/ ٤٨٤) من حديث أبي هرون، ومن مرسل عبيد بن عمير، وموقوفًا على ابن مسعود وابن عباس، وغيرهم من السلف.