قال:"أسألك بمعاقِدِ العِزِّ من عَرْشِكَ"، ففيه نزاع (١)، نُقِل عن أبي حنيفة كراهته (٢)، فلا يجوز أن يقول: بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلِك، وبحق البيت والمَشْعَر؛ لأنه لا حق للمخلوق على الخالق.
أما "معاقدِ العزِّ من عَرْشِك" فقيل: هو سؤالٌ بمخلوق، وقيل: هو سؤال بالخالق، فلذلك تنازعوا فيه، وقد نازع بعضُ الناس، وقالوا في حديث أبي سعيد:"اللهمَّ إنِّي أسألكَ بِحَقِّ السائلينَ عليكَ وبحَقِّ مَمْشايَ هذا ... "(٣) الحديث، وقال تعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}[النساء: ١] على قراءة الخَفْض (٤)، كما يقال: سألتك بالله وبالرَّحِم.
وفي "الصحيح"(٥) أن عمر قال: "اللهم إِنَّا كنَّا إذا أَجْدَبْنا نَتَوسُّلُ إليكَ بِنَبِيِّنا وإنَا نتوسَّلُ إليكَ بِعَمِّ نَبِيِّنا فاسْقِنا".
وفي النسائي والترمذي حديث الأعمى الذي جاء إليه فقال: ادعُ اللهَ لي أن يردَّ بصري، فقال: "توضَّأ (٦) فَصَلِّ ركعتين ثُمَّ قل: اللهم إني
(١) والنزاع مبني على أثر موضوع، أخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير": (٢/ ١٥٧ - ١٥٨)، وابن الجوزي في "الموضوعات": (٢/ ١٤٢) وقال: "هذا حديث موضوع بلا شك .. " اهـ. وانظر "نصب الراية": (٤/ ٢٧٢ - ٢٧٣). (٢) نقله في "الاقتضاء" عن أبي الحسين القدوري في "شرح الكرخي"، وانظر "شرح الطحاوية": (١/ ٢٩٧) لابن أبي العز، و "حاشية رد المحتار": (٦/ ٣٩٦). (٣) أخرجه أحمد: (١٧/ ٢٤٧ رقم ١١١٥٦)، وابن ماجه رقم (٧٧٨) وغيرهم من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- والحديث ضعيف في سنده فُضيل بن مرزوق وعطية العَوْفي. (٤) وهي قراءة حمزة. (٥) أخرجه البخاري رقم (١٠١٠) من حديث أنسٍ -رضي الله عنه-. (٦) في "الأصل": "تتوضأ" وهو سهو.