وفي "الصحيحين"(١) : "خَالِفُوا المشركين" ثم قال: "أحْفُوا الشَّوَارِبَ وأَفُوا اللِّحَى" فأبدل الجملة الثانية من الأولى، أَمَرَ بالمخالفة عامًّا ثم خاصًّا، فقدَّمه عمومًا ثم خصوصًا، كما يقال: أكرم ضيفَك: أطْعِمْه وحادِثْه.
وقال:"خالفوا اليهود فإنهم لا يُصَلُّون في نعالهم ولا خِفافهم" رواه أبو داود (٢) .
وقال:"فَصْلُ ما بينَ صيامِنا وصيامِ أَهْلِ الكتابِ أَكْلَةُ السَّحَر" رواه مسلم (٣) .
فدلَّ على أن الفصل بين العبادتين أمرٌ مقصود، وقد صرَّح بذلك في قوله:"لا يزالُ الدِّينُ ظاهرًا ما عجَّل الناسُ الفِطْرَ"(٤) ، لأن اليهودَ والنصارى يؤخِّرون، وإنما المقصود بإرسال الرسل: أن يظهرَ دينُ الله على الدينِ كلِّه، فنفس مخالفتهم من أكبر مقاصِد البِعْثة.
وكذا قال: "لا تزالُ أُمَّتي بخير -أو قال: على الفطرة- ما لم
(١) البخاري رقم (٥٨٩٢)، ومسلم رقم (٢٥٩) من حديث ابن عمر -رضي الله عنه-. (٢) رقم (٦٥٢). وأخرجه: ابن حبان "الإحسان": (٥/ ٥٦١) وزاد "النصاري"، والحاكم: (١/ ٢٦٠)، ومن طريق البيهقي: (٢/ ٤٣٢) جميعًا من حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه- وسنده حسن، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي. (٣) رقم (١٠٩٦) من حديث عَمْرو بن العاص -رضي الله عنه-. (٤) أخرجه أبو داود رقم (٢٣٥٣)، وابن ماجه رقم (١٦٩٨) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وأخرجه البخاري رقم (١٩٥٨)، ومسلم رقم (١٠٩٨) من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه- بنحوه.