وقال:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}[آل عمران: ١٠٥] وهم اليهود والنصارى، الذين افترقوا على أكثر من سبعين فرقة، مع أنه قد أخبر -صلى الله عليه وسلم- أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة (١) ، وقال:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}[المائدة: ٤٨].
وكلُّ ما في الكتاب من النهي عن مشابهة الأمم الكافرة وقصصهم التي فيها عبرة لنا بترك ما فعلوه، مثل قوله: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (ضضض ٢)} [الحشر: ٢]، و {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[يوسف: ١١١]، وأمثال ذلك، كله دالٌّ على هذا المَطْلَب: من أن مخالفتهم مشروعة لنا في الجملة (٢) ، وهي دين لنا.
وقال تعالى:{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ... } الآيات، إلى قوله:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ} إلى قوله: {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) } [التوبة: ٦٧ - ٧٣].
فأخبر أن في هذه الأمة من استمتعَ بخلاقه (٣) كما استمتعت الأمم قبلهم، وخاضَ كالذين خاضوا، وذمَّهم على ذلك، ثم حضَّهم على
(١) سيأتي تخريجه ص/ ٣٤. (٢) وبعض الآيات تدل على وجوب المخالفة، "الاقتضاء": (١/ ١٠٣). (٣) في هامش الأصل: "والخَلاق قيل: هو الدين، وقيل: نصيبهم من الآخرة في الدنيا، وقيل: نصيبهم من الدنيا، قال أهل اللغة: الخلاق هو الحظ والنصيب، كأنه ما خُلِقَ للإنسان" اهـ.