مُعَلِّمُكَ: مَنْ حَبَسَكَ؟ فَقُلْ أَهْلِي. وَقَالَ لِي: يَا سَلْمَانُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أتَحَوَّلَ. قُلْتُ: أنَا مَعَكَ.
قَالَ: فَتَحَوَّلَ، فَأتَى، قَرْيَةً، فَنَزَلَهَا، وَكَانَتِ امْرأة تَخْتَلِفُ إلَيْهِ، فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ: يَا سَلْمَانُ احْتَفِرْ. قَالَ: فَحَفَرْتُ، فَاسْتَخْرَجْتُ جَرَّةً مِنْ دَرَاهِمَ.
قَالَ: صُبَّهَا عَلَى صَدْري فَصَبَبْتُهَا، فَجَعَلَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِهِ وَيقُولُ: ويلٌ لِلْقَسِّ. فَمَاتَ. فَنَفَخْتُ فِي بُوقهِمْ ذلِكَ، فَاجْتَمَعَ الْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ، فَحَضَرُوهُ.
قَالَ: فَهَمَمْتُ بِالْمَالِ أنْ أحْتَمِلَهُ. ثُمَّ إنَّ اللهَ صَرَفَنِي عَنْهُ. فَلَمَّا اجْتَمَعَ الْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ قُلْتُ: إنَّهُ قَدْ تَرَكَ مَالاً. فَوَثَبَ شبابٌ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَقَالُوا: هذَا مَالُ أبِينَا كَانَتْ سَرِيَّتُهُ تَأْتِيهِ، فَأخَذُوهُ. فَلَمَّا دَفَنُوهُ (١) قُلْتُ: يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ دُلّونِي عَلَى عَالِم أكُونُ مَعَهُ. قَالُوا: مَا نَعْلَمُ فِي الأرْضِ أعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ كَانَ يَأتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَإنِ انْطَلَقْتَ الْآنَ وَجَدْتَ حِمَارَهُ عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَانْطَلَقْتُ فَإذَا أَنَا بِحِمَارِهِ (٢)، فجلست عِنْدَهُ حَتَّى خَرَجَ. فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ: اجْلِسْ حتى أَرْجِعَ إلَيْكَ.
قَالَ: فَلَمْ أرَهُ إلَى الْحَوْلِ، كَانَ لَا يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ إلَاّ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فِي ذلِك الشَّهْر. فَلَمَّا جَاءَ قُلْتُ: مَا صَنَعْتَ (١٨٢/ ٢) بِي؟ قَال:
(١) في الإحسان "دفن".(٢) في الإحسان "بحمار".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute