والقنوط من رحمة الله واليأس من روح الله ينافي كمال التوحيد أيضاً؛ ولهذا قال الله - عز وجل -: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ}(٢).
وقال - عز وجل -: {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ الله إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ الله إِلاَّ الْقَوْمُ الكافرون}(٣).
والقنوط: استبعاد الفرج واليأس منه، وهو يقابل الأمن من مكر الله، وكلاهما ذنب عظيم (٤).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الكبائر؟ فقال:
((الشرك بالله، واليأس من روح الله، والأمن من مكر الله)) (٥).
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: ((أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله)) (٦).
ومعنى الأمن من مكر الله: أي أمن الاستدراج بما أنعم الله به على عباده من صحة الأبدان، ورخاء العيش، وهم على معاصيهم (٧).
واليأس من روح الله: أي قطع الرجاء من رحمة الله ومن تفريجه للكربات (٨).
والقنوط من رحمة الله: هو أشدُّ اليأس (٩).
(١) سورة الأنعام، الآية: ٤٤. (٢) سورة الحجر، الآية: ٥٦. (٣) سورة يوسف، الآية: ٨٧. (٤) انظر: فتح المجيد، لشرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، ٢/ ٥٩٨. (٥) أخرجه البزار في مسنده، ١/ ١٠٦، برقم ٥٥، [مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد] وقال الهيثمي في مجمع الزوائد،١/ ١٠٤: رواه البزار، والطبراني ورجاله موثوقون. (٦) أخرجه عبد الرزاق في المصنف، ١٠/ ٤٥٩، برقم ١٩٧٠١، والطبراني في المعجم الكبير، ٩/ ١٥٦، برقم ٨٧٨٣، ٨٧٨٤، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، ١/ ١٠٤: إسناده حسن. (٧) انظر: تفسير الطبري [جامع البيان عن تأويل آي القرآن]، ١٢/ ٥٧٩، وانظر: ١٢/ ٩٥ - ٩٧. (٨) انظر: المرجع السابق، ١٦/ ٢٣٣. (٩) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب القاف مع النون، مادة: ((قنط))، ٤/ ١١٣.