إِلَيْهَا فَلَمْ يَزَلِ الْأَمْرُ يَدْرُسُ ويَتَقَادَمُ حَتَّى صَارَا يُمْسَحَانِ، يتمسح (١) بِهِمَا مَنْ وَقَفَ عَلَى الصَّفَا والْمَرْوَةِ ثُمَّ صَارَا وَثَنَيْنِ يُعْبَدَانِ، فَلَمَّا كَانَ عَمْرُو ابن لُحَيٍّ أَمَرَ النَّاسَ بِعِبَادَتِهِمَا والتَّمَسُّحِ بِهِمَا وقَالَ لِلنَّاسِ: إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ يَعْبُدُهُمَا، فَكَانَا كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ فَصَارَتْ إِلَيْهِ الْحِجَابَةُ وأَمْرُ مَكَّةَ فَحَوَّلَهُمَا مِنَ الصَّفَا والْمَرْوَةِ فَجَعَلَ أَحَدَهُمَا بِلَصْقِ الْكَعْبَةِ وجَعَلَ الْآخَرَ فِي مَوْضِعِ زَمْزَمَ ويُقَالُ: جَعَلَهُمَا جَمِيعًا فِي مَوْضِعِ زَمْزَمَ وكَانَ يَنْحَرُ عِنْدَهُمَا وكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَمُرُّونَ بِإِسَافٍ ونَائِلَةَ ويَتَمَسَّحُونَ بِهِمَا وكَانَ الطَّائِفُ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ يَبْدَأُ بِإِسَافٍ فَيَسْتَلِمُهُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ خَتَمَ بِنَائِلَةَ فَاسْتَلَمَهَا، فَكَانَا كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ فَكَسَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ مَا كُسِرَ مِنَ الْأَصْنَامِ.
• حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَدِينِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ ابن أَبِي يَحْيَى عَنِ ابْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ إِسَافٌ ونَائِلَةُ رَجُلًا وَامْرَأَةً فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ فَأُخْرِجَا مِنْ جَوْفِ الْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِمَا ثِيَابُهُمَا فَجُعِلَ أَحَدُهُمَا بِلَصْقِ الْكَعْبَةِ، والْآخَرُ عِنْدَ زَمْزَمَ وكَانَ يُطْرَحُ بَيْنَهُمَا مَا يُهْدَى لِلْكَعْبَةِ، ويُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ كَانَ يُسَمَّى (الْحَطِيمَ) وإِنَّمَا نُصِبَا هُنَالِكَ لِيَعْتَبِرَ بِهِمَا النَّاسُ. فَلَمْ يَزَلْ أَمْرُهُمَا يَدْرُسُ حَتَّى جُعِلَا وَثَنَيْنِ يُعْبَدَانِ وكَانَتْ ثِيَابُهُمَا كُلَّمَا بَلِيَتْ أَخْلَفُوا لَهُمَا ثِيَابًا ثُمَّ أُخِذَ الَّذِي بِلَصْقِ الْكَعْبَةِ فَجُعِلَ مَعَ الَّذِي عِنْدَ زَمْزَمَ، وكَانُوا يَذْبَحُونَ عِنْدَهُمَا ولَمْ تَكُنْ تَدْنُو مِنْهُمَا امْرَأَةٌ طَامِثٌ فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ بِشْرُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ الْأَسَدِيُّ أَسَدُ خُزَيْمَةَ:
عَلَيْهِ الطَّيْرُ مَا يَدْنُونَ مِنْهُ … مَقَامَاتُ الْعَوَارِكِ مِنْ إِسَافِ
• حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
لَقَدْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ (٢) يَوْمَ الْفَتْحِ وإِنَّ بِهَا ثَلَاثَمِائَةٍ وسِتِّينَ
(١) كذا فِي ا، ج. وفِي ب «يتسح» وفِي د «تمسح».(٢) كذا فِي جميع الأصول: وفِي ب «الى مكة».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute