وفي " مسند الإمام أحمد "(١) عن الحسن: أنَّ عمر أراد أنْ ينهى عن حُلَلِ الحِبَرَةِ؛ لأنَّها تُصبَغُ بالبَوْلِ، فقال له أُبيٌّ: ليس ذلك لك، قد لبسهنَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ولبسناهنَّ في عهده، وخرَّجه الخلاَّل من وجه آخر وعنده: إنَّ أُبَيّاً قال له: يا أمير المؤمنين، قد لبسها نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -، ورأى اللهُ مكانها، ولو علم اللهُ أنَّها حرامٌ، لنهى عنها، فقال: صدقت.
وسئل الإمام أحمد عن لبس ما يَصبغُه أهلُ الكتاب من غير غسلٍ، فقال: لم تسأل عمَّا لا تعلم، لم يزلِ النَّاسُ منذ أدركناهم لا يُنكرون ذلك. وسئِلَ عن يهود يَصبغُون بالبول، فقال: المسلم والكافرُ في هذا سواء، ولا تسأل عن هذا، ولا تبحث عنه، وقال: إذا علمت أنَّه لا محالةَ يصبغ بشيءٍ مِنَ البولِ، وصحَّ عندكَ، فلا تصلِّ فيه حتّى تغسله.
وخرَّج من حديث المغيرة بن شعبة: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُهدي إليه خُفَّان، فلبسهما ولا يعلم أذكيٌّ هما أم لا (٢).
وقد ورد ما يستدلُّ به على البحث والسؤال، فخرَّج الإمام أحمد (٣) من حديث رجلٍ عن أمِّ مسلمٍ الأشجعية: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أتاها وهي في قبَّةٍ فقال:«ما أحسنها
إنْ لم يكن فيها ميتةٌ»، قالت: فجعلت أتتبعها. والرجل مجهول (٤).
وخرَّج الأثرمُ بإسنادِه عن زيد بن وهب، قال: أتانا كتابُ عمر بأَذربيجان: إنَّكم بأرضٍ فيها الميتة، فلا تلبِسُوا مِنَ الفراء حتّى تعلموا حِلَّه من حرامه.
وروى الخلال بإسناده عن مجاهد: أنَّ ابن عمر رأى على رجل فرواً، فمسَّه وقال: لو أعلم أنَّه ذُكِّيَ، لسرَّني أنْ يكون لي منه ثوب (٥).
(١) المسند ٥/ ١٤٣، وإسناده ضعيف لانقطاعه؛ فإنَّ الحسن لم يسمع من عمر ولا من أُبي. (٢) أخرجه: الترمذي (١٧٦٩) وفي " الشمائل "، له (٧٤)، وقال: «حسن غريب»، وانظر تعليقي على " الشمائل ": ٦٩ (٧٤). (٣) في " مسنده " ٦/ ٤٣٧. وأخرجه: ابن سعد في " الطبقات " ٨/ ٢٣٧، والطبراني في "الكبير" ٢٥/ (٣٧٥) و (٣٧٦) من حديث أُمِّ مسلم الأشجعيَّة، به. (٤) فالحديث ضعيف لجهالة هذا الرجل. (٥) أخرجه: ابن أبي شيبة (٢٤٧٦٥).