على استحباب الاعتماد باليدين على الأرض حين ينهض إلى الركعة الثانية وغيرها (١).
نُوقش: بأن حديث مالك محمول على أن ذلك كان من النبي -صلى الله عليه وسلم- لمشقة القيام عليه؛ لضعفه وكبره، فمالك قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر عمره، ومما يدل على حمله على المشقة: قوله -عليه السلام-: ((لَا تُبَادِرُونِي فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَإِنِّي قَدْ بَدَّنْتُ)) (٢)، أو يُحمل على أنه -صلى الله عليه وسلم- فعله تشريعاً وبياناً للجواز؛ جمعاً بين الأدلة (٣).
الدليل الثاني: عن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ)) (٤).
وجه الاستدلال: أنه لما أمر -صلى الله عليه وسلم- أن يضع يديه بالأرض قبل ركبتيه في سجوده لئلا يشبه البعير في بروكه، وجب بدليل قوله أن يضع يديه بالأرض إذا قام؛ لئلا يشبه البعير في قيامه (٥).
يمكن أن يُناقش: بأن مسألة النهي عن البروك كبروك البعير محل خلاف، فلا يصلح الاحتجاج بها، ولحديث أبي هريرة رواية أخرى مخالفة لهذه الرواية.
الدليل الثالث: قال الراوي: ((رأيتُ ابْنَ عُمَرَ يَنْهَضُ في الصلاةِ، وَيَعْتَمِدُ عَلَى يَدَيْهِ)) (٦).
يمكن أن يُناقش: بأنه رُوي عنه وعن جمع من الصحابة خلاف ذلك أيضاً، فترجح رواية الأكثرية، ويُحمل على أنه فعله عند الكبر.
الدليل الرابع: أن النهوض مع الاعتماد أولى؛ لأنه أزين في أدب الصلاة، وأبلغ في الخشوع والتواضع وأعون للمصلي (٧).
(١) يُنظر: المجموع (٣/ ٤٤٢). (٢) سبق تخريجه: ص (٤٤٦). (٣) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٢٣)، المغني (١/ ٣٨١)، شرح الزركشي (١/ ٥٧٣)، فتح الباري، لابن رجب (٧/ ٢٩٢)، مرقاة المفاتيح (٢/ ٧٣٦). (٤) سبق تخريجه: ص (٤٢١). (٥) يُنظر: البيان والتحصيل (١/ ٣٤٥). (٦) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٣٤٧) برقم: (٣٦٦٩)، صححه زكريا غلام في (ما صح من آثار الصحابة في الفقه) (١/ ٢٤٩). (٧) يُنظر: البيان والتحصيل (١/ ٣٤٥)، أسنى المطالب (١/ ١٦٣).