وأما (الفخر الرازي) فهو وإن لم ينتصر لرأي مجاهد ويجنح إليه، إلا أنه لم يجد في قبوله غضاضة، ويجدر بنا أن نلم برأيه لما له من منهج خاص.
فقد قال٤: "..قوله {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} ليس بأمر لهم؛ لأنهم ما كانوا قادرين على أن يقلبوا أنفسهم على صورة القردة، بل المراد سرعة التكوين، كقوله تعالى:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُول لهُ كُنْ فَيَكُونُ}(٤٠: النحل) ، وكقوله:{قَالتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}(١١: فصلت) ، والمعنى أنه تعالى لم يعجزه ما أراد إنزاله من العقوبة بهؤلاء، بل قال لهم،: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} ، أي لما أراد ذلك بهم صاروا كما أراد.
١ انظر كتاب الحيوان لأبي عثمان بن بحر الجاحظ ج ٤ ص ٥٠، وكتاب الحيوان موسوعة كبرى نشرها الأستاذ عبد السلام محمد هارون محققة في سبعة أجزاء كبيرة ط الحلبي القاهرة. ٢ انظر الصفحات ٥١، ٥٦، ٦٠، ٦١، من الجزء الرابع من الحيوان، والنقل ببعض تصرف. ٣ انظر الحيوان ج ٤ ص ٧٠. ٤ انظر التفسير الكبير (مفاتح الغيب) للفخر الرازي ج ٣ ص ١١٠ وما بعدها ط دار الكتب العلمية طهران.