حَدِيثٌ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم لدعواكم من اللَّهَ١ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنْ حَدِيثِ النُّزُولِ، لَمَّا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: لَا يَخْلُو مِنْهُ فَكَيْفَ يَنْزِلُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ مَنْ هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ٢؟! فَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ حُجَجِ الْمُعَارِضِ لِدَفْعِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النُّزُولِ حِكَايَةٌ حَكَاهَا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرِ٣ لَعَلَّهَا مَكْذُوبَةٌ عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: نُزُولُهُ: أَمْرُهُ وَسُلْطَانُهُ وَمَلَائِكَتُهُ وَرَحْمَتُهُ، وَمَا أَشْبَهَهَا.
فَقُلْنَا لَهُ: أَيُّهَا الْمُعَارِضُ، أَمَّا لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْقُضُ مَا حَكَيْتَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ٤ فَإِنْ قَالَهُ فَالْحَدِيثُ يُكَذِّبُهُ وَيُبْطِلُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ: "إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ شَطْرُ اللَّيْلِ نَزَلَ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ دَاعٍ، فَأُجِيب؟ ٥ هَل من مُسْتَغْفِر أعفر لَهُ؟ ٦ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ ٧ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ" ٨ وَقَدْ جِئْنَا بِالْحَدِيثِ بِإِسْنَادِهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ. فَلَوْ كَانَ عَلَى مَا حَكَيْتَ٩ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَادَّعَيْتَهُ أَنْتَ أَيْضًا أَنَّهُ أَمْرُهُ وَرَحْمَتُهُ وَسُلْطَانُهُ، مَا كَانَ أَمْرُهُ وَسُلْطَانُهُ يَتَكَلَّمُ بِمِثْلِ هَذَا وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى اسْتِغْفَارِهِ وَسُؤَالِهِ دُونَ اللَّهِ، وَلَا الْمَلَائِكَة يدعونَ١٠
١ كَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "فِي أَنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَان" وَهُوَ أوضح.٢ النُّزُول وصف يَلِيق بجلاله وعظمته لَا نَعْرِف كنهه وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ مَعْلُوما وَسِيَاق الْكَلَام هُنَا يُوهم تكييف النُّزُول.٣، ٤ أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، تقدم ص"١٥٧".٦ فِي ط، س، ش "فَأُجِيب لَهُ".٧ فِي س "فَأغْفِر لَهُ".٨ تقدم تَخْرِيجه ص"٢١٣".٩ فِي ط، س، ش "فَلَو كَانَ ذَلِك على مَا حكيت".١٠ فِي الأَصْل، س "يدعوا" بِمَا أثبت جَاءَ فِي ط، ش، وَهُوَ الصَّوَاب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute