"أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ كَمَا يَشَاءُ أَنْ يَرَوْهُ"١.
فَبَيَّنَ فِي ذَلِكَ٢ صِفَاتِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ قَالَ: "لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ"، يَعْنِي الْمَرِيسِيَّ ونظرائه الَّذِينَ قَالُوا: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَنَّ٣ تَفْسِيرَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَرَى يَوْمَئِذٍ آيَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: رَآهُ يَعْنِي٤ أَفْعَالَهُ، وَأُمُورَهُ وَآيَاتِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} ٥ فَالْمَوْتُ لَا يُرَى وَهُوَ مَحْسُوسٌ إِنَّمَا يُدْرَكُ عَمَلُ الْمَوْتِ فَإِنْ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ٦ أَرَادَ هَذَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِمَا أَرَادَ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي وَوَكَّلْنَا تَفْسِيرَهَا وَصِفَتَهَا إِلَى الله٧.
١ هَذَا الْأَثر مَوْقُوف على أبي حنيفَة، وَفِي إِسْنَاده ضعف كَمَا أَنِّي لم أَجِدهُ بِمَا بَين يَدي من المصادر الَّتِي هِيَ مظان وجوده، وَلَعَلَّه مِمَّا احتلقه الْمعَارض وأسنده إِلَى أبي حنيفَة رَحمَه الله، يُؤَيّدهُ أَن الْمُؤلف يشكك فِي نِسْبَة هَذَا القَوْل إِلَى أبي حنيفَة كَمَا يَتَّضِح من سِيَاق كَلَامه.٢ فِي ط، ش "فَبين فِي ذَلِك أَن صِفَات هَذِه الْأَحَادِيث".٣ فِي الأَصْل وس "إِن" بِكَسْر الْهمزَة، وَفِي ط، ش بِفَتْحِهَا.٤ فِي س "بِعَين".٥ سُورَة آل عمرَان، آيَة "١٤٣".٦ هُوَ النُّعْمَان بن ثَابت، تقدم ص"١٩٢".٧ فِي ط، ش، ش "إِلَى الله تَعَالَى".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute