فَفِي دَعْوَى هَذَا الْمُعَارِضِ أَنَّ الْخَلْقَ عَرَّفُوا اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ بِأَسْمَاءٍ ابْتَدَعُوهَا، لَا أَنَّ اللَّهَ عَرَّفَهُمْ بِهَا نَفْسَهُ، فَأَيُّ تَأْوِيلٍ أَوْحَشَ١ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَتَأَوَّلَ رَجُلٌ أَنَّهُ كَانَ كَشَخْصٍ مَجْهُولٍ، أَوْ بَيْتٍ، أَوْ شَجَرَة، أَو بهمية، لَمْ يُشْتَقَّ٢ لِشَيْءٍ مِنْهَا اسْمٌ، وَلَمْ يُعْرَفْ مَا هُوَ، حَتَّى عَرَّفَهُ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟!
وَلَا تُقَاسُ أَسْمَاءُ اللَّهِ بِأَسْمَاءِ الْخَلْقِ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْخَلْقِ مَخْلُوقَةٌ مُسْتَعَارَةٌ. وَلَيْسَت أَسْمَاءَهُم نَفْسَ صِفَاتِهِمْ بَلْ هِيَ٣ مُخَالِفَةٌ لِصِفَاتِهِمْ.
وَأَسْمَاءُ اللَّهِ صِفَاتُهُ، لَيْسَ شَيْءٌ مُخَالِفًا٤ لِصِفَاتِهِ وَلَا شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مُخَالِفًا٥ لِلْأَسْمَاءِ٦.
فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ، أَوْ مُسْتَعَارَةٌ فَقَدْ كَفَرَ وَفَجَرَ؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: "اللَّهُ" فَهُوَ "اللَّهُ" وَإِذَا قُلْتَ: "الرَّحْمَنُ" فَهُوَ "الرَّحْمَنُ" وَهُوَ "اللَّهُ" وَإِذَا٧ قُلْتَ: الرَّحِيمُ فَهُوَ كَذَلِك، وَإِذا قلت:
١ أَي غير مألوف وَلَا يأنس لَهُ أحد، من الْوَحْش، قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب ٣/ ٨٩٠ مَادَّة "وَحش": "الْوَحْش كل شَيْء من دَوَاب الْبر مِمَّا لَا يسْتَأْنس، مؤنث، وَهُوَ وَحشِي وَالْجمع وحوش ... " وَقَالَ: "الوحشة: الْخلْوَة والهم، وأوحش الْمَكَان إِذا صَار وحشًا، وَكَذَلِكَ توحش" بِتَصَرُّف.٢ ف ط، ش، س "يسْبق".٣ لَفْظَة "هِيَ" لَيست فِي ط، س، ش.٤ فِي الأَصْل "مُخَالف" غير مَنْصُوبَة وَبِمَا أثبتنا جَاءَ فِي ط، س، ش، وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا خبر لَيْسَ.٥ فِي الأَصْل "مُخَالف" كسابقها وَفِي ط، س، ش "مُخَالفا" وَهُوَ الصَّوَاب؛ لِأَنَّهَا خبر لَيْسَ.٦ فِي ط، ش، س "لأسمائه".٧ فِي ط، ش "فَإِذا".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute