قال أبو العباس: وكان في جملة الخوارج لدد واحتجاج، على كثرة خطبائهم وشعرائهم، ونفاذ بصيرتهم، وتوطين أنفسهم على الموت، فمنهم الذي طعن فأنفذه الرمح فجعل يسعى فيه إلى قاتله وهو يقول:{وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} ٢.
ويروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لما وصفهم قال:"سيماهم التحليق ٣ يقرأون القرآن لا تجاوز تراقيهم، علامتهم رجل مخدج اليد" ٤.
وفي حديث عبد الله بن عمرو:"رجل يقال له عمرو ذو الخويصرة"، أو "الخنيصرة".
وروي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه نظر إلى رجل ساجد، إلى أن صلى النبي عليه السلام، فقال:"ألا رجل يقتله "? فحسر أبو بكر عن ذراعه وانتضى السيف وصمد نحوه، ثم رجع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أأقتل رجلاً يقول: لا إله إلا الله? فقال النبي عليه السلام: "ألا رجل يفعل "? ففعل عمر مثل ذلك، فلما كان في الثالثة قصد له علي بن أبي طالب عليه السلام فلم يره، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لو قتل لكان أول فتنة وآخرها".
١ ر: "عاد الحديث إلى ذكر الخوارج". ٢ سورة طه ٨٤. ٣ سيماهم التحليق, أي علامتهم حلق الرءوس. ٤ مخدج اليد: ناقصها.